غير ضرام، المعتمد عندنا في تفسير القرآن إنما هو ما ورد عنهم عليهم السلام حيث تأولوا الآية بتقدير مضاف، في قوله " بإثمي " أي بإثم قتلي إن قتلتني، وإثمك الذي كان منك قبل قتلي " أو المراد إثمي لو بسطت يدي إليك، وإثمك ببسط يدك إلى.
ومما يؤيد القول المذكور أيضا بالنسبة إلى الحقوق المالية ما رواه في الكافي بسند حسن عن الوليد بن صبيح (2) " قال: جاء رجل إلى أبي عبد الله عليه السلام يدعي على المعلي بن خنيس دينا فقال: ذهب بحقي فقال أبو عبد الله عليه السلام: ذهب بحقك الذي قتله، ثم قال للوليد: قم إلى الرجل فاقضه من حقه، فإني أريد أن أبرد عليه جلده وإن كان باردا ".
فإن ظاهر قوله " ذهب بحقك الذي قتله " يعطي أن القاتل هو المؤاخذ بذلك، وهو الذي ذهب بحقه دون المقتول، واحتمال التجوز باعتبار حيلولة القاتل بينه وبين أداء الدين بسبب قتله إياه، فكأنه ذهب به إن أمكن لكن ينافيه قوله عليه السلام أريد أبرد جلده وإن كان باردا فإنه إنما يكون باردا ببراءة الذمة من الدين، الحال أنه ليس هنا شئ موجب للبراءة سوى ما يدعيه من القتل، وإنما أراد الإمام بدفعه ذلك زيادة تبريده، وإن لم يستحق عنده شيئا.
وبالجملة فإن ظاهر الخبر هو ما قلناه وارتكاب التأويلات وإن بعدت و التكلفات وإن غمضت غير عسير إلا أن الاستدلال إنما بني على الظواهر، و ارتكاب التأويل إنما يلجأ إليه وجود معارض أقوى، والحال أنه ليس هنا ما يعارض ذلك، بل الموجود إنما هو ما يؤيده، ولا سيما الاعتضاد بظاهر الآية، والخبر المتقدم، وبما ذكرنا يظهر أن المسألة لا يخلو عن شوب الاشكال، والله سبحانه وأولياؤه أعلم بحقيقة الحال.