وحينئذ فالخبران ليسا من محل البحث في شئ، فلا يحتاج إلى ردهما بمخالفة القواعد الشرعية كما ذكره في المسالك، بل ما تضمناه بناء على ما قلناه موافق للقواعد، إلا أنهما ليسا من محل البحث في شئ، ومقتضاهما بناء على ما ذكرناه أن الدين إنما هو على العبد حيث أنه لم يؤذن له في الاستدانة كما صرح به في الخبر الثالث.
وأنه إنما يلزم المالك إذا باعه من حيث حيلولته بين أصحاب الدين وبين العبد ببيعه، لا من حيث أن المال لازم له بأصل الإذن في التجارة، والحال أنه لم يحصل الإذن في الاستدانة كما عرفت.
ومما يدل على لزوم ذلك للمولى في الصورة البيع خبر شريح، مع قضية الإذن في التجارة خاصة، وليس ذلك إلا لما قلناه، لما عرفت من أن الإذن في التجارة لا يستلزم الإذن في الاستدانة، فلا وجه لكونه على المولى إلا من هذه الجهة المذكورة.
وأما الاستدلال على هذا القول برواية عجلان (1) عن الصادق عليه السلام " في رجل أعتق عبدا وعليه دين، قال: دينه عليه، لم يزده العتق إلا خيرا " واستدل به العلامة في المختلف فلا دلالة فيه، لامكان حمله على الاستدانة بغير إذن المولى كما ذكرنا في ذينك الخبرين.
وبالجملة فإن الاستدانة إن وقعت بإذن المولى سواء كانت للمولى أو للعبد فالغرم على المولى، وإلا فهو على المملوك، ويعضده ما ذكره في المسالك من أن العبد هنا بمنزلة الوكيل، وانفاقه المال على نفسه في المعروف بإذن المولى انفاق لمال المولى، فيلزمه كما لو لم ينعتق.
وبذلك يظهر أن ما ذهب إليه الشيخ ومن تبعه هنا من تخصيص كون الدين على العبد في صورة العتق دون صورة الاستبقاء لا وجه له.
واحتج القائلون بالقول الثاني بالرواية الثانية، وهي ظاهرة بل صريحة،