وقال ابن إدريس: ليس له ذلك إلا برضا المقرض، وهو مذهب العلامة والمحقق ومن تأخر عنهما، واستدلوا عليه بأنه ملكه بالقرض والقبض، فلا يتسلط المالك على أخذه منه لانتقال حقه إلى المثل أو القيمة.
احتج الشيخ (رحمة الله عليه) بأنه كالهبة في جواز الرجوع فيها، وأجيب بالمنع من المساواة بين المسألتين، وتوضيحه أنه قد ثبت ملك المستقرض للعين بالقرض والقبض، وأن اللازم للمقرض في الذمة إنما هو المثل أو القيمة، وثبوت التخيير في الرجوع في الهبة بدليل خارج لا يستلزم انسحابه إلى ما لا دليل فيه.
وعندي فيه اشكال، فإن المفهوم من كلامهم وقواعدهم أن الفسخ موجب لرجوع كل شئ إلى أصله، لأن معناه أبطال أثر العقد السابق الذي رتبه الشارع عليه قبل العقد، وهو هنا كونه ملكا للمقترض، فإذا لم تخرج العين الموجودة بالفسخ عن ملك المقترض وأن الذي للمقرض إنما هو المثل أو القيمة فهذا مقتضى العقد أولا؟ فأي أثر لهذا الفسخ يترتب عليه.
وبما ذكرناه يشكل ما ذكره المتأخرون من ابن إدريس ومن تبعه من أن القرض عقد جائز يجوز فسخه من الطرفين، ثم يدعون بعد الفسخ أنه ليس له الرجوع إلى العين، وإنما يرجع بالمثل أو القيمة، وكذا عدم وجوب قبوله مع رد المقترض له على مالكه، مع أن هذا هو مقتضى أصل العقد كما عرفت، فأي أثر ظهر هنا للفسخ.
وبما ذكرنا يظهر لك أيضا ما في كلام شيخنا الشهيد الثاني في الاستدلال للقول المشهور حيث قال: ويمكن الاحتجاج للمشهور بناء على الملك بالقبض بأن الأصل في ملك الانسان أن لا يتسلط عليه غيره إلا برضاه، والثابت بالعقد والقبض للمقرض إنما هو البدل، فيستصحب الحكم إلى أن يثبت المزيل، ولا سند له يعتد به إلا كون العقد جايزا يوجب فسخه ذلك.
وفيه منع ثبوت جوازه بالمعنى الذي يدعيه، إذ لا دليل عليه، وما أطلقوه من كونه جايز ألا يعنون ذلك، لأنه قد عبر به من ينكر هذا المعنى وهو الأكثر، وإنما