إلى مفعولين يكون الأول منهما هو الثاني في المعنى، وقد علمنا أنه ليس الكاف في المعنى.
وإذا لم يكن اسما كان حرفا للخطاب مجردا من معنى الإسمية، كالكاف في ذلك وهنالك وكالتاء في أنت. وإذا ثبت أنه للخطاب، فالتاء في أرأيت لا يجوز أن يكون للخطاب، لأنه لا يجوز أن يلحق الكلمة علامتان للخطاب، كما لا يلحقها علامتان للتأنيث، ولا علامتان للاستفهام.
فلما لم يجز ذلك أفردت التاء في جميع الأحوال، لما كان الفعل لا بد له من فاعل، وجعل في جميع الأحوال على لفظ واحد، لأن ما يلحق الكاف من معنى الخطاب، يبين الفاعلين، فيخصص التأنيث من التذكير، والتثنية من الجمع، ولو لحق علامة التأنيث والجمع التاء، لاجتمعت علامتان للخطاب: ما يلحق التاء، وما يلحق الكاف، فكان يؤدي إلى ما لا نظير له، فرفض، وهذا من كلام أبي علي الفارسي. وجواب (إن) من قوله (إن أتاكم عذاب الله) الفعل الذي دخل عليه حرف الاستفهام، كما تقول: إن أتاك زيد أتكرمه؟ وموضع (إن) وجوابه نصب لأنه في موضع مفعولي رأيت. وقوله: (إن كنتم صادقين) جوابه محذوف يدل عليه قوله (أرأيتكم)، لأنه في معنى أخبروا، فكأنه قال: إن كنتم صادقين فأخبروا من تدعون عند نزول البلاء بكم.
المعنى: ثم أمر سبحانه نبيه بمحاجة الكفار فقال: (قل) يا محمد لهؤلاء الكفار (أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله) في الدنيا، كما نزل بالأمم قبلكم، مثل عاد وثمود (أو أتتكم الساعة) أي: القيامة. قال الزجاج: الساعة اسم للوقت الذي يصعق فيه العباد، واسم للوقت الذي يبعث فيه العباد. والمعنى: أو أتتكم الساعة التي وعدتم فيها بالبعث والفناء، لأن قبل البعث يموت الخلق كلهم.
(أغير الله تدعون) أي: أتدعون فيها لكشف ذلك عنكم هذه الأوثان التي تعلمون أنها لا تقدر أن تنفع أنفسها ولا غيرها، أو تدعون الله الذي هو خالقكم ومالككم لكشف ذلك عنكم (إن كنتم صادقين) في أن هذه الأوثان آلهة لكم. أحتج سبحانه عليهم بما لا يدفعونه، لأنهم كانوا إذا مسهم الضر دعوا الله ثم قال (بل إياه تدعون) و (بل) استدراك وإيجاب بعد نفي. أعلمهم الله تعالى أنهم إذا لحقتهم