(أنظر كيف نصرف الآيات) أي: نبين لهم في القران الآيات، عن الكلبي، وقيل: تصريف الآيات توجيهها في الجهات التي يظهرها أتم الإظهار، ومرة في جهة النعمة، ومرة في جهة الشدة. وقيل: تصريف الآيات: احداثها دالة على وجوه، كما أن الآية المعجزة تدل على فاعلها، وعلى قدرته، وعلمه، وعلى نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وصدقه.
(ثم هم) أي الكفار (يصدفون) أي: يعرضون عن تأمل الآيات والفكر فيها. وقيل: إعراضهم عنها كفرهم بها، وإنما قال: (أنظر) لأنه تعالى عجب أولا من تتابع نعمه عليهم، وضروب دلائله من تصريف الآيات، وأسباب الاعتبار، ثم عجب ثانيا من إعراضهم عنها، ثم زاد تعالى في الحجاج فقال: (قل أرأيتكم) أي: أعلمتم (إن أتاكم عذاب الله) أي: عذبكم الله بعد إعذاره عليكم، وإرساله الرسل (بغتة) أي: مفاجأة (أو جهرة) أي: علانية، وإنما قابل البغتة بالجهرة، لأن البغتة تتضمن معنى الخفية، لأنه يأتيهم من حيث لا يشعرون. وقيل: البغتة أن يأتيهم ليلا، والجهرة أن يأتيهم نهارا، عن الحسن.
(هل يهلك) أي: لا يهلك بهذا العذاب (إلا القوم الظالمون) أي:
الكافرون الذين يكفرون بالله، ويفسدون في الأرض. وقيل: إنهم كانوا يستدعون العذاب، فبين أنه إذا نزل لا يهلك به إلا الكافرون، فإن هلك فيه مؤمن، أو طفل، فإنما يهلك محنة، ويعوضه الله على ذلك أعواضا كثيرة، يصغر ذلك في جنبها، والمراد بذلك: عذاب الدنيا دون عذاب الآخرة.
ثم بين سبحانه أنه لا يبعث الرسل أربابا يقدرون على كل شئ يسألون عنه من الآيات، وأنما يرسلهم لما يعلمه من المصالح، فقال: (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين) ثم ذكر ثواب من صدقهم في باقي الآية، وعقاب من كذبهم في الآية الثانية، فقال: (فمن أمن) أي: صدق الرسل (وأصلح) أي: عمل صالحا في الدنيا (فلا خوف عليهم) في الآخرة (ولا هم يحزنون) كما يحزن أهل النار.
وقيل: لا يحزنون على ما خلفوا وراءهم في الدنيا (والذين كذبوا بآياتنا) أي: أدلتنا وحججنا، وقيل: بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ومعجزاته (يمسهم العذاب) يصيبهم العذاب يوم القيامة (بما كانوا يفسقون) أي: بفسقهم، وخروجهم عن الإيمان.