القرناء، ثم يقول. كوني ترابا، فلذلك يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا.
وعن أبي ذر قال: بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ انتطحت عنزان (1)، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أتدرون فيما انتطحا؟ فقالوا: لا ندري. قال: لكن الله يدري وسيقضي بينهما.
وعلى هذا فإنما جعلت أمثالنا في الحشر والاقتصاص، واختاره الزجاج، فقال: يعني (أمثالكم) في أنهم يبعثون ويؤيده قوله: (وإذا الوحوش حشرت) ومعنى (إلى ربهم) إلى حيث لا يملك النفع والضر إلا الله سبحانه وتعالى، إذ لم يمكن منه كما مكن في الدنيا.
واستدلت جماعة من أهل التناسخ بهذه الآية على أن البهائم والطيور مكلفة لقوله (أمم أمثالكم): وهذا باطل، لأنا قد بينا أنها من أي وجه تكون أمثالنا، ولو وجب حمل ذلك على العموم، لوجب أن تكون أمثالنا في كونها على مثل صورنا وهيآتنا وخلقتنا وأخلاقنا، وكيف يصح تكليف البهائم، وهي غير عاقلة، والتكليف لا يصح إلا مع العقل.
(والذين كذبوا بآياتنا) أي: بالقرآن. وقيل: بسائر الحجج والبينات (صم وبكم) قد بينا معناهما في سورة البقرة (في الظلمات) أي: في ظلمات الكفر والجهل لا يهتدون إلى شئ من منافع الدين، وقيل: أراد صم وبكم في الظلمات الآخرة على الحقيقة، عقابا لهم على كفرهم، لأنه ذكرهم عند ذكر الحشر، عن أبي علي الجبائي (من يشأ الله يضلله) هذا مجمل قد بينه في قوله (وما يضل به إلا الفاسقين ويضل الله الظالمين والذين اهتدوا زادهم هدى يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام) والمعنى: من يشأ الله يخذله بأن يمنعه ألطافه وفوائده، وذلك إذا واتر عليه الأدلة، وأوضح له الحجج، فأعرض عنها، ولم ينعم النظر فيها، ويجوز أن يريد: من يشأ الله إضلاله عن طريق الجنة، ونيل ثوابها، يضلله عنه (ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم) أي: ومن يشأ أن يرحمه ويهديه إلى الجنة، يجعله على الصراط الذي يسلكه المؤمنون إلى الجنة.