الخدري، وابن عباس في رواية الكلبي، والحسن، وقتادة، والضحاك.
ووردت الرواية عن ابن عمر قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سرية، فلقوا العدو، فجاض الناس جيضة (1)، وأتينا المدينة، فتخبأنا بها، وقلنا: يا رسول الله!
نحن الفرارون! فقال: بل أنتم العكارون (2)، وأنا فئتكم. وقيل: إنه عام في جميع الأوقات، وإن من فر من الزحف إذا لم يزيدوا على ضعفي المسلمين لحقه الوعيد عن ابن عباس وفي رواية أخرى، وهو قول الجبائي، وأبي مسلم. ثم نفى سبحانه أن يكون المسلمون قتلوا المشركين يوم بدر، فقال (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم) وإنما نفى الفعل عمن هو فعله على الحقيقة، ونسبه إلى نفسه، وليس بفعل له من حيث كانت أفعاله تعالى كالسبب لهذا الفعل والمؤدي إليه من إقداره إياهم، ومعونته لهم، وتشجيع قلوبهم، وإلقاء الرعب في قلوب أعدائهم والمشركين حتى قتلوا.
(وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى): خطاب للنبي ذكر جماعة من المفسرين، كابن عباس وغيره، أن جبرائيل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر: خذ قبضة من تراب، فارمهم بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما التقى الجمعان لعلي:
أعطني قبضة من حصا الوادي. فناوله كفا من حصا عليه تراب، فرمى به في وجوه القوم، وقال: شاهت الوجوه! فلم يبق مشرك إلا دخل في عينه وفمه ومنخريه منها شئ، ثم ردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم. وكانت تلك الرمية سبب هزيمة القوم.
وقال قتادة وأنس: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخذ يوم بدر ثلاث حصيات، فرمى بحصاة في ميمنة القوم، وحصاة في ميسرة القوم، وحصاة بين أظهرهم، وقال: شاهت الوجوه! فانهزموا. فعلى هذا إنما أضاف الرمي إلى نفسه، لأنه لا يقدر أحد غيره على مثله، فإنه من عجائب المعجزات (وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا) أي: ولينعم عليهم به نعمة حسنة، أي: فعل ذلك إنعاما على المؤمنين.
والضمير في (منه) راجع إلى النصر أي: من ذلك النصر، ويجوز أن يكون راجعا إلى الله تعالى.
(إن الله سميع) لدعائكم (عليم) بأفعالكم وضمائركم، وإنما يقال للنعمة