ويمنع ارتفاع ما حوله من أن يسيح على وجه الأرض. والحجى: أصله من الحجو، وهو احتباس وتمكث، قال: (فهن يعكفن به إذا حجا). وحجيت بالشئ، وتحجيت به، يهمز ولا يهمز أي: تمسكت، عن الأزهري. قال أبو علي: فكأن الحجى مصدر، كالشبع، ومن هذا الباب الحجيا للغز لتمكث الذي يلقى عليه، حتى يستخرجه.
الاعراب: يقال: ما معنى الغاية في قوله: (حتى إذا جاءتهم الساعة) وما عامل الإعراب فيها؟ والجواب: إن معناها منتهى تكذيبهم الحسرة يوم القيامة، والعامل فيها كذبوا أي: كذبوا إلى أن ظهرت الساعة بغتة، فندموا حيث لا ينفعهم الندامة. ويقال: ما معنى دعاء الحسرة، وهي مما لا يعقل؟ والجواب: إن العرب إذا اجتهدت في المبالغة في الإخبار عن أمر عظيم، تقع فيه، جعلته نداء، فلفظه لفظ ما ينبه، والمنبه غيره، مثل قوله: (يا حسرة على العباد) وقوله: (يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله)، و (يا ويلتي أألد) وهذا أبلغ من أن تقول انا أتحسن على التفريط قاله الزجاج.
وقال سيبويه: إنك إذا قلت: يا عجباه فكأنك قلت أحضر وتعال يا عجب، فإنه من أزمانك، وتأويل يا حسرتاه: انتبهوا على أننا قد حسرنا، فخرج مخرج النداء للحسرة. والمعنى على النداء لغيرها، تنبيها على عظم شأنها. وقيل: إنها بمنزلة الاستغاثة فكأنه قيل: يا حسرتنا تعالي فهذا أوانك، كما يقال: يا للعجب. وقوله:
(ساء ما يزرون) تقديره بئس الشئ شئ يزرونه، وقد ذكرنا عمل نعم، وبئس، فيما مضى.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن هؤلاء الكفار، فقال: (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله) يعني بلقاء ما وعد الله به من الثواب والعقاب، وجعل لقاءهم لذلك، لقاء له تعالى، مجازا، عن ابن عباس، والحسن. وقيل: المراد (بلقاء): جزاء الله كما يقال للميت: لقي فلان عمله أي: لقي جزاء عمله. ونظيره: (إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه). (حتى إذا جاءتهم الساعة) أي: القيامة (بغتة) أي:
فجأة من غير أن علموا وقتها (قالوا) عند معاينة ذلك اليوم وأهواله، وتباين أحوال أهل الثواب والعقاب (يا حسرتنا على ما فرطنا فيها) أي: على ما تركنا وضيعنا في الدنيا من تقديم أعمال الآخرة، عن ابن عباس. قيل: إن الهاء يعود إلى (الساعة)