عن الحسن، والمعنى على ما فر طنا في العمل للساعة والتقدمة لها.
قيل: إن الهاء يعود إلى الجنة أي: في طلبها والعمل لها، عن السدي، يدل عليه ما رواه الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الآية قال: يرى أهل النار منازلهم من الجنة، فيقولون: يا حسرتنا. وقال محمد بن جرير: الهاء يعود إلى الصفقة، لأنه لما ذكر الخسران دل على الصفقة، ويجوز أن يكون الهاء يعود إلى معنى ما في قوله (ما فرطنا) أي: يا حسرتنا على الأعمال الصالحة التي فرطنا فيها، فعلى هذا الوجه يكون (ما) موصولة بمعنى الذي، وعلى الوجوه المتقدمة يكون (ما) بمعنى المصدر، ويكون تقديره على تفريطنا (وهم يحملون أوزارهم) أي: أثقال ذنوبهم (على ظهورهم). وقال ابن عباس: يريد آثامهم وخطاياهم. وقال قتادة والسدي: إن المؤمن إذا خرج من قبره، استقبله أحسن شئ صورة، وأطيبه ريحا، فيقول: أنا عملك الصالح، طال ما ركبتك في الدنيا، فاركبني أنت اليوم، فذلك قوله: (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا) أي: ركبانا، وإن الكافر إذا خرج من قبره، استقبله أقبح شئ صورة، وأخبثه ريحا، فيقول: أنا عملك السئ، طال ما ركبتني في الدنيا، فأنا أركبك اليوم، وذلك قوله: (وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم).
وقال الزجاج: هذا مثل جائز أن يكون جعل ما ينالهم من العذاب، بمنزلة أثقل ما يحمل، لأن الثقل كما يستعمل في الوزن، يستعمل في الحال أيضا، كما تقول:
ثقل علي خطاب فلان، ومعناه: كرهت خطابه كراهة اشتدت علي، فعلى هذا يكون المعنى: إنهم يقاسون عذاب آثامهم، مقاساة تثقل عليهم، ولا تزايلهم، وإلى هذا المعنى أشار أمير المؤمنين عليه السلام في قوله: (تخففوا تلحقوا فإنما ينتظر بأولكم آخركم).
(ألا ساء ما يزرون) أي: بئس الحمل حملهم، عن ابن عباس. وقيل:
معناه ساء ما ينالهم جزاء لذنوبهم وأعمالهم السيئة، إذ كان ذلك عذابا ونكالا. ثم رد عليهم قولهم: (ما هي إلا حياتنا الدنيا) وبين سبحانه أن ما يتمتع به من الدنيا يزول ويبيد فقال: (وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو) أي: باطل وغرور، إذا لم يجعل ذلك طريقا إلى الآخرة، وإنما عنى بالحياة الدنيا أعمال الدنيا، لأن نفس الدنيا لا توصف باللعب، وما فيه رضا الله من عمل الآخرة لا يوصف به أيضا، لأن اللعب ما