صاحبه، يمطرون بالليل، ويصحون بالنهار، ويزرعون، لا يصل إليهم منا أحد، ولا منهم إلينا. وهم على الحق. قال ابن جريج: بلغني أن بني إسرائيل، لما قتلوا أنبياءهم، وكفروا وكانوا اثنتي عشرة سبطا، تبرأ سبط منهم مما صنعوا، واعتذروا، وسألوا الله أن يفرق بينهم وبينهم، ففتح الله لهم نفقا من الأرض، فساروا فيه سنة ونصف سنة، حتى خرجوا من وراء الصين، فهم هناك حنفاء مسلمون، يستقبلون قبلتنا، وقيل: إن جبرائيل انطلق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة المعراج إليهم، فقرأ عليهم من القرآن عشر سور نزلت بمكة، فآمنوا به، وصدقوه، وأمرهم أن يقيموا مكانهم، ويتركوا السبت، وأمرهم بالصلاة والزكاة، ولم يكن نزلت فريضة غيرهما ففعلوا، قال ابن عباس: وذلك قوله: (وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا) يعني عيسى بن مريم يخرجون معه.
وروى أصحابنا أنهم يخرجون مع، قائم آل محمد. وروي أن ذا القرنين رآهم، وقال: لو أمرت بالمقام لسرني أن أقيم بين أظهركم وثانيها: إنهم قوم من بني إسرائيل، تمسكوا بالحق، وبشريعة موسى عليه السلام، في وقت ضلالة القوم، وقتلهم أنبياءهم، وكان ذلك قبل نسخ شريعتهم بشريعة عيسى عليه السلام، فيكون تقدير الآية:
ومن قوم موسى أمة كانوا يهدون بالحق، عن أبي علي الجبائي، وأنكر القول الأول، وقال: لو كانوا باقين، لكانوا كافرين بجحد نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وليس هذا بشئ، لأنه لا يمتنع أن يكون قوم لم يبلغهم دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلا يحكم بكفرهم، ويمكن أن يكون بلغهم خبر النبوة وآمنوا وثالثها: إنهم الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل عبد الله بن سلام، وابن صوريا، وغيرهما.
وفي حديث أبي حمزة الثمالي، والحكم بن ظهير: (إن موسى عليه السلام لما أخذ الألواح، قال: رب إني لأجد في الألواح أمة هي خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، فاجعلهم أمتي؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني لأجد في الألواح أمة هم الآخرون في الخلق، السابقون في دخول الجنة، فاجعلهم أمتي؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: رب اني لأجد في الألواح أمة كتبهم في صدورهم يقرأونها، فاجعلهم أمتي؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني لأجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول، وبالكتاب الآخر، ويقاتلون الأعور الكذاب (1)،