ذهب الذين يعاش في أكنافهم وبقيت في خلف كجلد الأجرب (1) قال علي بن عيسى: وقد وضع أحدهما مكان الآخر، قال حسان:
لنا القدم الأولى إليك، وخلقنا، لأولنا في طاعة الله، تابع والأغلب في الفتح أن يستعمل في المدح. والعرض: ما يعرض، ويقل لبثه، ومنه سمي العرض القائم بالجسم عرضا، لأنه يعرض في الوجود، ولا يجب له من اللبث ما يجب للأجسام. والدرس: تكرير الشئ، ويقال درس الكتاب: إذا كرر قراءته. ودرس المنزل: إذا تكرر عليه مرور الأمطار والرياح حتى انمحى أثره وأمسك، ومسك، وتمسك، واستمسك بالشئ بمعنى واحد، أي: اعتصم به.
الاعراب: (يأخذون عرض هذا الأدنى): في موضع النصب على الحال من الضمير في (ورثوا). وقوله: (ورثوا الكتاب): صفة (لخلف). و (درسوا ما فيه): عطف على (ورثوا). وقوله (ألم يؤخذ عليهم)، إلى قوله: (إلا الحق): اعتراض بين (ورثوا ودرسوا)، ولا يجوز الوقف من أول الآية إلا على قوله (ما فيه). وخبر (الذين يمسكون) قوله: (انا لا نضيع أجر المصلحين) منهم، فحذف منهم لدلالة الكلام عليه، كما في قوله السمن منوان بدرهم. ويحتمل إن يكون التقدير: لا نضيع أجرهم، لأن المصلحين هم الذين يمسكون بالكتاب في المعنى. ويجوز أن يكون الخبر محذوفا، وتقديره: نعطيهم أجرهم، لأنا لا نضيع أجر المصلحين، فاستغنى بذكر العلة عن ذكر المعلول.
المعنى: ثم ذكر سبحانه الأخلاف بعد ذكر الأسلاف، فقال: (فخلف من بعدهم خلف) معناه: فذهب أولئك، وقام مقامهم قوم آخرون، (ورثوا الكتاب)، يعني التوراة، فإن الميراث ما صار للباقي من جهة البادي. (يأخذون عرض هذا الأدنى) معناه ما أشرف لهم من الدنيا أخذوه، عن ابن عباس. يقال: الدنيا عرض حاضر، يأكل منه البر والفاجر، وجميع متاع الدنيا عرض. وقيل: إنهم كانوا يرتشون ويحكمون بجور. وقيل: إنهم كانوا يرتشون ويحكمون بحق، وكل ذلك عرض