بدوا: إذا ظهر. وفلان ذو بدوات: إذا بدا له الرأي بعد الرأي، وبدا لي في هذا الأمر بداء. والبداء لا يجوز على الله سبحانه، لأنه العالم بجميع المعلومات، لم يزل، ولا يزال.
الاعراب: (ولو ترى): جوابه محذوف، وتقديره لرأيت أمرا هائلا، ونحوه قوله تعالى (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال) يريد: إسكان هذا القرآن، وهذه الأجوبة إنما تحذف لتعظيم الأمر وتفخيمه ومثله قول امرئ القيس:
وجئتك لو شئ أتانا رسوله * سواك، ولكن لم نجد لك مدفعا.
وتقديره: لو أتانا رسول غيرك، لما جئنا. ويسأل فيقال: لم جاز (ولو ترى إذ وقفوا) وإذ هي للماضي؟ والجواب: إن الخبر لصحته، وصدق المخبر به، صار بمنزلة ما وقع.
المعنى: ثم بين سبحانه ما ينال هؤلاء الكفار يوم القيامة من الحسرة، وتمني الرجعة، فقال: (ولو ترى) يا محمد، أو يا أيها السامع (إذ وقفوا على النار) فهذا يحتمل ثلاثة أوجه: جائز أن يكون المعنى عاينوا النار. وجائز أن يكونوا عليها وهي تحتهم. قال الزجاج: والأجود أن يكون معناه: أدخلوها فعرفوا مقدار عذابها، كما تقول في الكلام: قد وقفت على ما عند فلان، تريد: قد فهمته وتبينته. وهذا وإن كان بلفظ الماضي، فالمراد به الاستقبال، وإنما جاز ذلك لأن كل ما هو كائن يوما مما لم يكن بعد، فهو عند الله قد كان، وأنشد في مثله:
ستندم إذ يأتي عليك رعيلنا * بأرعن جرار كثير صواهله (1) فوضع إذ موضع إذا، وقد يوضع أيضا إذا موضع إذ كما قال الشاعر:
وندمان يزيد الكأس طيبا * سقيت إذا تعرضت النجوم (فقالوا) أي: فقال الكفار حين عاينوا العذاب، وندموا على ما فعلوا (يا ليتنا نرد) إلى الدنيا (ولا نكذب بآيات ربنا) أي: بكتب ربنا ورسله، وجميع ما جاءنا من عنده (ونكون من المؤمنين) يعني من جملة المؤمنين بآيات الله.