ربه، فقال: (واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا) واختلف في سبب اختياره إياهم ووقته، فقيل: إنه اختارهم حين خرج إلى الميقات ليكلمه الله سبحانه، بحضرتهم، ويعطيه التوراة، فيكونوا شهداء له عند بني إسرائيل، لما لم يثقوا بخبره أن الله سبحانه يكلمه، فلما حضروا الميقات وسمعوا كلامه تعالى، سألوا الرؤية، فأصابتهم الصاعقة، ثم أحياهم الله تعالى، فابتدأ سبحانه بحديث الميقات، ثم اعترض حديث العجل، فلما تم، عاد إلى بقية القصة، وهذا الميقات هو الميعاد الأول الذي تقدم ذكره، عن أبي علي الجبائي، وأبي مسلم، وجماعة من المفسرين، وهو الصحيح، ورواه علي بن إبراهيم، في تفسيره. وقيل: إنه اختارهم بعد الميقات الأول للميقات الثاني بعد عبادة العجل، ليعتذروا من ذلك.
(فلما) سمعوا كلام الله قالوا: أرنا الله جهرة ف (أخذتهم الرجفة) وهي الرعدة والحركة الشديدة، حتى كادت ان تبين مفاصلهم، وخاف موسى عليهم الموت، فبكى، ودعا، وخاف أن يتهمه بنو إسرائيل على السبعين، إذا عاد إليهم، ولم يصدقوه بأنهم ماتوا، عن السدي، والحسن، وقال ابن عباس: إن السبعين الذين قالوا: (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة) كانوا قبل السبعين الذين أخذتهم الرجفة، وإنما أمر الله تعالى موسى أن يختار من قومه سبعين رجلا، فاختارهم وبرز بهم ليدعو ربهم، فكان فيما دعوا أن قالوا: اللهم أعطنا ما لم تعط أحدا قبلنا، ولا تعطيه أحدا بعدنا! فكره الله ذلك من دعائهم، فأخذتهم الرجفة.
ورووا عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: (إنما اخذتهم الرجفة من أجل دعواهم على موسى قتل أخيه هارون، وذلك أن موسى، وهارون، وشبر، وشبير، ابني هارون، انطلقوا إلى سفح جبل، فنام هارون على سرير، فتوفاه الله، فلما مات، دفنه موسى عليه السلام، فلما رجع إلى بني إسرائيل، قالوا له: أين هارون؟ قال:
توفاه الله. فقالوا: لا بل أنت قتلته، حسدتنا على خلقه ولينه، قال: فاختاروا من شئتم. فاختاروا منهم سبعين رجلا، وذهب بهم، فلما انتهوا إلى القبر، قال موسى: يا هارون أقتلت أم مت؟ فقال هارون: ما قتلني أحد، ولكن توفاني الله.
فقالوا: لن نعصي بعد اليوم، فأخذتهم الرجفة وصعقوا).