كانوا قد جمعوا ما يكون ضربا واحدا، كقوله:
هل من حلوم لأقوام فينذرهم (1) ما جرب الناس من عضي وتضريسي فإن يجمع ما يختلف من المآثم أجدر، ويقوي ذلك قوله (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) والثقل: مصدر كالشبع، والصغر، والكبر.
اللغة: قال الزجاج: اختلف أهل اللغة في معنى قوله (عزروه)، وفي قولهم عزرت فلانا، أعزره، وأعزره عزرا. فقيل: معناه رددته. وقيل: معناه أعنته.
وقيل: معناه لمته. ويقال: عزرته بالتشديد: نصرته. ويقال: منعت منه. فمعنى عزروه: منعوا أعداءه من الكفر به. وقيل: نصروه. والمعنى قريب لأن منع الأعداء منه: نصرته، ومعنى عزرت فلانا: إذا ضربته ضربا دون الحد، أنه يمنعه بضربه إياه من معاودته مثل عمله. ويجوز أن يكون من عزرته: أي: رددته، معناه: فعلت به ما يرده عن المعصية.
الاعراب: قال الزجاج قوله: (يأمرهم بالمعروف) يجوز أن يكون على تقدير يجدونه مكتوبا عندهم أنه يأمرهم بالمعروف، ويجوز أن يكون (يأمرهم بالمعروف) مستأنفا. قال أبو علي: لا وجه لقوله: (يجدونه مكتوبا) أنه يأمرهم إن كان يعني أن ذلك مراد، لأنه لا شئ يدل على حذفه، ولأنا لم نعلمهم حذفوا هذا في شئ، وتفسيره أن وجدت هنا هو المتعدي إلى مفعولين، ومكتوبا مفعول ثان، والمعنى:
يجدون ذكره مكتوبا عندهم في التوراة، أو اسمه. فالمفعول الأول قام مقام المضاف إليه، وإنما قلنا ذلك لأن المكتوب هو الاسم، أو الذكر. والمفعول الثاني في هذا الباب يجب أن يكون الأول في المعنى. قال: فأما قوله (يأمرهم بالمعروف): فهو عندي تفسير لما كتب، كما أن قوله: (لهم مغفرة وأجر عظيم) تفسير لوعدهم، وكما أن قوله (خلقه من تراب) تفسير للمثل.
فإن قلت: لم لا تجعله حالا من المفعول الأول؟ فلأن ذلك ممتنع في المعنى، ألا ترى أن المعنى إذا كان يجدون ذكره، أو اسمه مكتوبا، لم يجز أن يكون (يأمرهم) حالا منه، لأن الاسم والذكر لا يأمران، إنما يأمر المذكور والمسمى، ولا يجوز أن يكون مما في مكتوب من الضمير، لأن الضمير هو المفعول