في الاختيار وحال السعة، ولا ينبغي أن يحمل قوله: يا بن أم على هذا، وقياس من أجاز ذلك أن تكون فتحة الابن نصبة، والفتحة في أم ليست كالتي في عشر من خمسة عشر، ولكن مثل الفتحة التي في الميم من يا بنت عما. قال الزجاج: ومن قرأ ابن أم بالكسر، فإنه أضافه إلى نفسه بعد أن جعله اسما واحدا اللغة: الأسف: الغضب الذي فيه تأسف على فوت ما سلف. والأسف:
الحزن والتلهف أيضا. ويقال: خلفه يخلفه بما يحب، وبما يكره إذا عمل خلفه ذلك العمل. والعجلة: التقدم بالشئ قبل وقته. والسرعة: عمله في أول وقته، ولذلك صارت العجلة مذمومة. ويقال: عجلته أي: سبقته، وأعجلته، استحثثته، والشماتة سرور العدو بسوء العاقبة، يقال: شمت به شماتة، وأشمته اشماتا عرضه لتلك الحال.
الاعراب: (غضبان): منصوب على الحال: وهو فعلان مونثه فعلى، نحو غضبان وغضبى، ولا ينصرف لأن فيه الألف والنون المضارعتين لألفي التأنيث في حمراء.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عما فعله موسى عليه السلام، حين رجع من مناجاة ربه، ورأى عكوف قومه على عبادة العجل، فقال: (ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا) أي: حزينا عن ابن عباس. وقيل: الأسف الشديد: الغضب، عن أبي الدرداء. وقيل: معنى الغضب والأسف واحد، وإنما كررها للتأكيد واختلاف اللفظين، كما قال الشاعر: (متى أدن منه ينأ عني ويبعد،، عن أبي مسلم. وقيل:
معناه غضبان على قومه إذ عبدوا العجل أسفا، حزينا، متلهفا على ما فاته من مناجاة ربه.
(قال بئسما خلفتموني من بعدي) أي: بئسما عملتم خلفي، وبئس الفعل فعلكم بعد ذهابي إلى ميقات ربي. (أعجلتم أمر ربكم) أي: ميعاد ربكم، فلم تصبروا له، عن ابن عباس ونحو هذا قال الحسن. وعد ربكم الذي وعدني من الأربعين ليلة، وذلك أنهم قدروا أنه قد مات لما لم يأت على رأس ثلاثين ليلة.
وقيل: أعجلتم بعبادة العجل قبل أن يأتيكم أمر من ربكم، عن الكلبي، وقيل:
معناه استعجلتم وعد الله وثوابه على عبادته، فلما لم تنالوه، عدلتم إلى عبادة غيره،