السكون، لتضمنه معنى سكوته عن المعاتبة مع سكون غضبه.
الاعراب: قال: (لربهم يرهبون)، ولا يجوز يرهبون لربهم، لأنه إذا تقدم المفعول، ضعف عمل الفعل فيه، فصار بمنزلة ما لا يتعدى في دخول اللام عليه.
وقيل: إنه إذا كان بمعنى من أجله، جاز دخول اللام عليه، تقدم أو تأخر كما قال تعالى (ردف لكم) المعنى: ثم أوعدهم سبحانه فقال: (إن الذين اتخذوا العجل) فيه حذف، أي: اتخذوه إلها، أو معبودا من دون الله. (سينالهم غضب) أي: سيلحقهم على عبادتهم إياه عقوبة (من ربهم). وإنما ذكر الغضب مع الوعيد بالنار، لأنه أبلغ في الزجر عن القبيح. (وذلة في الحياة الدنيا) يعني: صغر النفس والمهانة، قال الزجاج: والذلة ما أمروا به من قتل أنفسهم. وقيل: إن الذلة أخذ الجزية، وأخذ الجزية لم يقع فيمن عبد العجل، وإنما أراد استسلامهم للقتل، (وكذلك نجزي المفترين) أي: مثل هذا الوعيد، والعذاب، والغضب، نجزي الكاذبين والمتخرصين. وإنما سموا مفترين، لأنهم عبدوا عجلا، وقالوا: إنه إله، فكانوا كاذبين.
ثم عطف سبحانه على ذلك بقوله (والذين عملوا السيئات) أي: الشرك والمعاصي. (ثم تابوا من بعدها وآمنوا) أي: واستأنفوا عمل الإيمان. وقيل:
معناه تابوا وآمنوا بأن الله قابل للتوبة (إن ربك) يا محمد (من بعدها) أي: من بعد التوبة. وقيل: من بعد السيئات. (لغفور) لذنوبهم (رحيم) بهم (ولما سكت) أي. سكن (عن موسى الغضب) وقيل في معناه: زالت فورة غضبه، ولم يزل الغضب، لأن توبتهم لم تخلص. وقيل: معناه زال غضبه، لأنهم تابوا (أخذ الألواح) التي كانت فيها التوراة (وفي نسختها) أي: وفيما نسخ فيها وكتب، عن الجبائي، وأبي مسلم. وقيل: وفي نسختها التي كتبت، ونسخت منها (هدى) أي: دلالة وبيان لما يحتاج إليه من أمور الدين (ورحمة) أي نعمة ومنفعة (للذين هم لربهم يرهبون) أي: يخشون ربهم. فلا يعصونه، ويعملون بما فيها. وفي الآية دلالة على أنه يجوز إلقاء التوراة للغضب الذي يظهر بإلقائها، ثم أخذها للحكمة التي فيها من غير أن يكون إلقاؤها رغبة عنها.