الاعراب: (ثمود) جاء مصروفا، وغير مصروف، فمن صرفه، فعلى أنه اسم الحي مذكر، ومن ترك صرفه فعلى أنه اسم القبيلة، كما قال: (ألا إن ثمودا كفروا ربهم ألا بعدا لثمود)، فصرف الأول، ولم يصرف الثاني. (آية) منصوب على الحال، لأن معنى قوله: هذه ناقة الله أنظروا إلى هذه الناقة آية أي: علامة.
و (تأكل): في موضع نصب على الحال، أي: آكلة. و (مفسدين) أيضا نصب على الحال. وقوله: (لمن آمن منهم) موضعه نصب بدل من قوله (للذين استضعفوا)، وهو بدل البعض من الكل، إلا أنه أعيد فيه حرف الجر. وقوله: (يا صالح ائتنا) إن وصلته همزته، وإن ابتدأت به لم تهمز، بل تقول إيتنا، وإنما كان كذلك، لأن أصله إئتنا بهمزتين، فكرهوا اجتماعهما، فقلبوا الثانية ياء لكسرة ما قبلها، وإذا وصل، تسقط همزة الوصل، فتظهر همزة الأصل.
المعنى: ثم عطف سبحانه على ما تقدم قصة صالح، فقال: (وإلى ثمود أخاهم صالحا) أي: وأرسلنا إلى ثمود، وثمود هنا القبيلة، وهو ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح، وصالح من ولد ثمود (قال يا قوم اعبدوا الله) وحده (ما لكم هن إله غيره) فتعبدوه (قد جاءتكم بينة من ربكم) أي: دلالة معجزة شاهدة على صدقي (هذه ناقة الله لكم آية) أشار إلى ناقة بعينها، أضافها إلى الله سبحانه، تفضيلا وتخصيصا، نحو: بيت الله. وقيل: إنما أضافها إليه لأنها خلقها بلا واسطة، وجعلها دلالة على توحيده، وصدق رسوله، لأنها خرجت من صخرة ملساء، تمخضت بها، كما تتمخض المرأة، ثم انفلقت عنها على الصفة التي طلبوها، وكان لها شرب، يوم تشرب فيه ماء الوادي كله، وتسقيهم اللبن بدله، ولهم شرب يوم يخصهم، لا تقرب فيه ماءهم، عن السدي، وابن إسحاق، وجماعة. وقيل: إنما أضافها إلى الله، لأنه لم يكن لها مالك سواه تعالى، عن الجبائي. قال الحسن: كانت ناقة من النوق، وكان وجه الإعجاز فيها أنها كانت تشرب ماء الوادي كله في يوم، على ما شرحناه (فذروها) أي: أتركوها (تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء) أي: بعقر، أو نحر (فيأخذكم) أي: ينالكم (عذاب أليم) أي: مؤلم.
(واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد) أي: واذكروا نعم الله تعالى عليكم، في أن أورثكم الأرض، ومكنكم فيها، من بعد عاد (وبوأكم في الأرض) أي: