والفراء وثانيها: تماما على المحسنين، عن مجاهد. قيل: إن في قراءة عبد الله (تماما على الذي أحسنوا) فكأنه قال تماما للنعمة على المحسنين الذين هو أحدهم، والنون قد تحذف من الذين كما في البيت:
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم، كل القوم، يا أم خالد (1) ويجوز أن يكون الذي للجنس، ويكون بمعنى من أحسن وثالثها: إن معناه تماما على إحسان الله إلى أنبيائه، عن ابن زيد ورابعها: إن معناه تماما لكرامته في الجنة على إحسانه في الدنيا، عن الحسن وقتادة، وقال قتادة: تقديره من أحسن في الدنيا تمت عليه كرامة الله في الآخرة وخامسها: إن معناه تماما على الذي أحسن الله سبحانه إلى موسى بالنبوة وغيرها من الكرامة، عن الجبائي وسادسها: ما قاله أبو مسلم انه يتصل بقصة إبراهيم، فيكون المعنى تماما للنعمة على إبراهيم، ولجزائه على إحسانه في طاعة ربه، وذلك من لسان الصدق الذي سأل الله سبحانه أن يجعله له، ولفظة (على) تقتضي المضاعفة عليه، ولو قال تماما، ولم يأت بقوله (على الذي أحسن) لدل على نقصانه قبل تكميله.
(وتفصيلا لكل شئ) أي: وبيانا لكل ما يحتاج إليه الخلق (وهدى) أي ودلالة على الحق والدين يهتدي بها إلى التوحيد، والعدل، والشرائع. (ورحمة) أي: نعمة على سائر المكلفين لما فيه من الأمر، والنهي، والوعد، والوعيد، والأحكام. (لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون) معناه: لكي يؤمنوا بجزاء ربهم، فسمي الجزاء لقاء الله، تفخيما لشأنه، مع ما فيه من الإيجاز والاختصار. وقيل: معنى اللقاء الرجوع إلى ملكه، وسلطانه، يوم لا يملك أحد سواه شيئا.
(وهذا كتاب) يعني القرآن، وصفه بهذا الوصف لبيان أنه مما ينبغي أن يكتب، لأنه أجل الحكم (أنزلناه) يعني أنزله جبرائيل إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فأضاف النزول إلى نفسه توسعا. (مبارك): وهو من يأتي من قبله الخير الكثير، عن الزجاج. فالبركة: ثبوت الخير بزيادته ونموه. وأصله الثبوت، ومنه براكاء القتال في قوله: