ربك إياهم بعذاب عاجل، أو آجل، أو بالقيامة، وهذا كقولنا قد نزل فلان ببلد كذا، وقد أتاهم فلان أي: قد أوقع بهم، عن الزجاج (أو يأتي بعض آيات ربك) وذلك نحو خروج الدابة، أو طلوع الشمس من مغربها، عن مجاهد، وقتادة، والسدي.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (بادروا بالأعمال ستا: طلوع الشمس من مغربها، والدابة، والدجال، والدخان، وخويصة أحدكم - أي موته - وأمر العامة - يعني القيامة (يوم يأتي بعض آيات ربك) التي تضطرهم إلى المعرفة، ويزول التكليف، عندها (لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل) لأنه ينسد باب التوبة بظهور آيات القيامة، ويضطر الله تعالى كل أحد إلى معرفته، ومعرفة المحسنات والمقبحات ضرورة، ويعرفه أنه إن حاول القبيح، أو ترك الحسن، حيل بينه وبينه، فيصير ملجأ إلى فعل الحسن، وترك القبيح.
(أو كسبت في إيمانها خيرا) عطف على قوله (آمنت). وقيل في معناه أقوال أحدها: إنه إنما قال ذلك على جهة التغليب، لأن الأكثر مما ينتفع بإيمانه حينئذ من كسب في إيمانه خيرا وثانيها: إنه لا ينفع أحدا فعل الإيمان، ولا فعل خير فيه، في تلك الحال، لأنها حال زوال التكليف. وإنما ينفع ذلك قبل تلك الحال، عن السدي. فيكون معناه: لا ينفعه إيمانه حينئذ وإن كسب في إيمانه خيرا، أي طاعة وبرا، لأن الإيمان واكتساب الخير، إنما ينفعان من قبل وثالثها: إنه الإبهام في أحد الأمرين، فالمعنى: إنه لا ينفع في ذلك اليوم إيمان نفس، إذا لم تكن آمنت قبل ذلك اليوم، أو ضمت إلى إيمانها أفعال الخير، فإنها إذا آمنت قبل، نفعها إيمانها، وكذلك إذا ضمت إلى الإيمان طاعة، نفعتها أيضا، يريد أنه لا ينفع حينئذ إيمان من آمن من الكفار، ولا طاعة من أطاع من المؤمنين، ومن آمن من قبل نفعه إيمانه بانفراده، وكذلك من أطاع من المؤمنين، نفعته طاعته أيضا، وهذا أقوى الأقوال وأوضحها.
(قل انتظروا) إتيان الملائكة، ووقوع هذه الآيات ف (إنا منتظرون) بكم وقوعها، وفي هذه الآية حث على المسارعة إلى. الإيمان والطاعة، قبل الحال التي لا يقبل فيها التوبة، وفيها أيضا حجة على من يقول إن الإيمان اسم لأداء الواجبات