يحذف مع المصدر إلا في الشعر، قال:
لو غيركم علق الزبير بحبله أدى الجوار إلى بني العوام (1) المعنى: ثم بين سبحانه أنه إنما أنزل القرآن قطعا للمعذرة، وإزاحة للعلة، فقال (أن تقولوا) أي: كراهة أن تقولوا يا أهل مكة، أو لئلا تقولوا (إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا) أي: جماعتين، وهم اليهود والنصارى، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، والسدي، وإنما خصهما بالذكر لشهرتهما، وظهور أمرهما أي: أنزلنا عليكم هذا الكتاب، لنقطع حجتكم. (وإن كنا عن دراستهم لغافلين) والمعنى: إنا كنا غافلين عن تلاوة كتبهم، وما كنا إلا غافلين عن دراستهم، ولم ينزل علينا الكتاب، كما أنزل عليهم لأنهم كانوا أهله دوننا، ولو أريد منا ما أريد منهم، لأنزل الكتاب علينا، كما أنزل عليهم (أو تقولوا) يا أهل مكة (لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم) في المبادرة إلى قبوله، والتمسك به، لأنا أجود أذهانا، وأثبت معرفة منهم، فإن العرب كانوا يدلون بجودة الفهم، وذكاء الحدس، وحدة الذهن. وقد يكون العارف بالشئ أهدى إليه من عارف آخر بأن يعرفه من وجوه لا يعرفها هو، وبأن يكون ما يعرفه به، أثبت مما يعرفه به الآخر.
ثم قال تعالى (فقد جاءكم بينة من ربكم) أي: حجة واضحة، ودلالة ظاهرة، وهو القرآن (وهدى) يهتدي به الخلق إلى النعيم المقيم، والثواب العظيم (ورحمة) أي: نعمة لمن اتبعه، وعمل به (فمن أظلم) لنفسه (ممن كذب بآيات الله وصدف عنها) أي: أعرض عنها، غير مستدل بها، ولا مفكر فيها، عن ابن عباس، ومجاهد، والسدي، وقتادة (سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب) أي: شدة العذاب، وهو ما أعده الله للكفار نعوذ بالله منه (بما كانوا يصدفون) أي: جزاء بما كانوا يصدفون عن القرآن، ومن أتى به، وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي هذا دلالة على أن إنزال القرآن لطف للمكلفين، وأنه لو لم ينزله، لكان لهم الحجة، وإذا كان في منع اللطف عذر وحجة للمكلف، فمنع القدرة، وخلق