التقدير في قوله: (دين القيمة) دين الملة القيمة، لأن الملة هي مثل الدين. ومن قرأ (قيما) فإنه مصدر كالصغر والكبر، إلا أنه لم يصحح كما صحح حول وعوض، وكان القياس، ولكنه شذ كما شذ نحو ثيرة في جمع ثور، وجياد في جمع، جواد، وكان القياس الواو.
وقال الزجاج: إنما اعتل (قيم) لأنه من قام، فلما اعتل قام، اعتل قيم، لأنه جرى عليه، واما (حول) فإنه جار على غير فعل.
وأما إسكان الياء في (محياي) فإنه شاذ عن القياس والاستعمال، فإن الساكنين لا يلتقيان على هذا الحد، وإذا كان ما قبلها متحركا، نحو (ومماتي) فالفتح جائز، والإسكان جائز. قال أبو علي: والوجه في (محياي) بسكون الياء، مع شذوذه، ما حكي عن بعض البغداديين، أنه سمع: التقت حلقتا البطان، بإسكان الألف، مع سكون لام المعرفة، مثل هذا جوزه يونس في قوله: أضربان زيد، واضربنان زيدا، وسيبويه ينكر هذا من قول يونس. وقال علي بن عيسى: ولو وصله على نية الوقف جاز، كما: (فبهداهم اقتده) فإنما تزاد هذه الهاء في الوقف، كما تسكن تلك الياء في الوقف.
اللغة: الملة: الشريعة، مأخوذة من الإملاء، كأنه ما يأتي به الشرع، ويورده الرسول من الشرائع المتجددة، فيمله على أمته ليكتب، أو يحفظ فأما التوحيد والعدل فواجبان بالعقل، ولا يكون فيهما اختلاف، والشرائع تختلف، ولهذا يجوز أن يقال:
ديني دين الملائكة، ولا يقال: ملتي ملة الملائكة، فكل ملة دين، وليس كل دين ملة، والنسك: العبادة، ورجل ناسك، ومنه النسيكة: الذبيحة. والمنسك:
الموضع الذي تذبح فيه النسائك. قال الزجاج: فالنسك كل ما تقرب به إلى الله تعالى، إلا أن الغالب عليه أمر الذبح. وقول الناس: فلان ناسك، ليس يراد به ذبح، إنما يراد به انه يؤدي المناسك، أي: يؤدي ما افترض عليه، مما يتقرب به إلى الله.
الاعراب: (دينا): قال أبو علي: يحتمل نصبه ثلاثة أضرب: أحدها: أنه لما قال: (هداني ربي إلى صراط مستقيم) استغنى بجري ذكر الفعل، عن ذكره ثانيا، فقال (دينا قيما) كما قال: (إهدنا الصراط المستقيم). وإن شئت نصبته