الحجة: من قرأ (عشر أمثالها) فالمعنى له عشر حسنات أمثالها، فيكون (أمثالها) صفة للموصوف الذي أضيف إليه (عشر) ومن قرأ (عشر أمثالها) فيكون (أمثالها) صفة (لعشر) هذا قول الزجاج. وحذف الموصوف، وإقامة الصفة مقامه ضعيف عند المحققين، وأكثر ما يأتي ذلك في الشعر. والأولى أن يكون (أمثالها) غير صفة في قوله (عشر أمثالها) بل يكون محمولا على المعنى، فأنث الأمثال لما كان في معنى الحسنات.
وحكي عن أبي عمرو أنه سمع أعرابيا يقول: (فلان لغوب جاءته كتابي فاحتقرها) قال: فقلت له: أتقول جاءته كتابي؟ قال: نعم أليس بصحيفة؟
اللغة: الحسنة: اسم للأعلى في الحسن، ودخول الهاء للمبالغة. قال علي بن عيسى: دخول الهاء يدل على أنها طاعة إما واجب، أو ندب. وليس كل حسن كذلك، لأن في الحسن ما هو مباح لا يستحق عليه مدح ولا ثواب، وأقوى من ذلك أن يقال دخول لام التعريف فيها يدل على أنها المأمور بها، لأنها لام العهد، والله سبحانه لا يأمر بالمباح.
المعنى: لما ذكر سبحانه الوعيد على المعاصي، عقبه بذكر الوعد، وتضعيف الجزاء في الطاعات فقال (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) أي: من جاء بالخصلة الواحدة من خصال الطاعة، فله عشر أمثالها من الثواب (ومن جاء بالسيئة) أي:
بالخصلة الواحدة من خصال الشر (فلا يجزى إلا مثلها) وذلك من عظيم فضل الله تعالى، وجزيل إنعامه على عباده، حيث لا يقتصر في الثواب على قدر الاستحقاق، بل يزيد عليه، وربما يعفو عن ذنوب المؤمن، منا منه عليه، وتفضلا، وإن عاقب على قدر الاستحقاق عدلا.
وقيل: المراد بالحسنة: التوحيد، وبالسيئة: الشرك، عن الحسن، وأكثر المفسرين. وعلى هذا فإن أصل الحسنات: التوحيد، وأسوأ السيئات: الكفر.
(وهم لا يظلمون) بالزيادة على مقدار ما استحقوا من العقاب، ثم اختلف الناس في أن هذه الحسنات العشر التي وعدها الله من جاء بالحسنة، هل يكون كلها ثوابا، أم لا؟ فقال بعضهم: لا يكون كلها ثوابا، وإنما يكون الثواب منها الواحدة والتسع الزائدة تكون تفضلا، ويؤيده قوله (ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله)