التأليف بعدها ما هو معجز، مع أنه تأليف كتأليفها. فهذه المعاني من أسرارها، والذكرى: مصدر ذكر، يذكر، تذكيرا فهي اسم للتذكير، وفيه مبالغة، ومثله الرجعى.
الاعراب: قال الزجاج: أجمع النحويون على أن قوله (كتاب أنزل إليك) مرفوع بغير هذه الحروف، فالمعنى هذا كتاب أنزل إليك. ومن قال: إن (كتاب) يرتفع بالمص، وتقديره المص حروف كتاب، يلزمه إضمار شيئين. فيكون المعنى: المص بعض حروف كتاب أنزل إليك، فيكون قد أضمر المضاف وما أضيف إليه، وهذا ليس بجائز.
فإن قال قائل: قد يقول ا ب ت ث ثمانية وعشرون حرفا، وإنما ذكرت أربعة، فمن أين جاز ذلك؟ قيل: قد صار اسم هذه الحروف كلها ا ب ت ث، كما أنك تقول الحمد سبع آيات، فالحمد اسم لجملة السورة، وليس اسم الكتاب ألم، ولا اسم القرآن طسم، وهذا فرق بين قال: والذي اخترناه في تفسير المص قول ابن عباس: (إن المص: أنا الله أعلم وأفصل) فيكون يرتفع بعض هذه الحروف ببعض، والجملة لا موضع لها، وقوله: (فلا يكن في صدرك حرج): دخول الفاء فيه يحتمل وجهين أحدهما: أن تكون عاطفة جملة على جملة، وتقديره هذا كتاب أنزلناه إليك، فلا يكن بعد إنزاله في صدرك حرج، والآخر أن يكون جوابا، وتقديره إذا كان أنزل إليك الكتاب لتنذر به، فلا يكن في صدرك حرج منه، فيكون محمولا على معنى إذا، وذكرى: قال الزجاج يصلح أن يكون في موضع نصب ورفع وخفض، فالنصب على قوله: أنزل إليك لتنذر به ولتذكر به ذكرى، لأن في الإنذار معنى التذكير، وهذا كما يقال: جئتك للإحسان، وشوقا إليك، فيكون مفعولا له. وأما الرفع فعلى تقدير: وهو ذكرى، وأما الخفض فعلى معنى لتنذر، فإن معنى:
(لتنذر) لأن تنذر، فيكون تقديره للإنذار، وللذكرى. قال علي بن عيسى: وهذا الوجه ضعيف، لأنه لا يجوز أن يحمل الجر على التأويل، كما لا يجوز مررت به وزيد.
المعنى: (المص): مضى تفسيره، وما قيل فيه (كتاب أنزل إليك) أي:
هذا الذي أوحيته إليك، كتاب أنزل إليك، أي: أنزله الملائكة إليك بأمر الله تعالى (فلا يكن في صدرك حرج منه) ذكر في معناه أقوال أحدها: ما ذكره الحسن أن