(وقل إن هذا صراطي) وكذلك (ثم آتينا) أي: وقل ثم آتينا، وهذا كله داخل في التلاوة، والقول.
المعنى: لما حكى سبحانه عنهم، تحريم ما حرموه، عقبه بذكر المحرمات، فقال: سبحانه (قل) يا محمد لهؤلاء المشركين (تعالوا) أي: أقبلوا وادنوا (أتل) أي: أقرأ (ما حرم ربكم عليكم) أي: منعكم عنه بالنهي. ثم بدأ بالتوحيد فقال (أن لا تشركوا به شيئا) أي: أمركم أن لا تشركوا، ولا فرق بين أن تقول: لا تشركوا به شيئا، وبين أن تقول حرم ربكم عليكم أن تشركوا به شيئا، إذ النهي يتضمن التحريم، وقد ذكرنا ما يحتمله من المعاني في الإعراب. وقد قيل أيضا: إن الكلام قد تم عند قوله (حرم ربكم) ثم قال (عليكم أن لا تشركوا) كقوله سبحانه (عليكم أنفسكم).
(وبالوالدين إحسانا) أي: وأوصى بالوالدين إحسانا، ويدل على ذلك أن في حرم كذا معنى أوصى بتحريمه، وأمر بتجنبه، ولما كانت نعم الوالدين، تالية نعم الله سبحانه، في الرتبة، أمر بالإحسان إليهما بعد الأمر بعبادة الله تعالى (ولا تقتلوا أولادكم من املاق) أي: خوفا من الفقر، عن ابن عباس، وغيره.
(نحن نرزقكم وإياهم) أي: فإن رزقكم ورزقهم جميعا علينا. (ولا تقربوا الفواحش) أي: المعاصي والقبائح كلها (ما ظهر منها وما بطن) أي: ظاهرها وباطنها، عن الحسن. وقيل: إنهم كانوا لا يرون بالزنا في السر بأسا، ويمنعون منه علانية، فنهى الله سبحانه عنه في الحالتين، عن ابن عباس، والضحاك، والسدي، وقريب منه ما روي عن أبي جعفر عليه السلام، إن ما ظهر هو الزنا، وما بطن هو المخالة (1). وقيل: إن ما ظهر: أفعال الجوارح، وما بطن: أفعال القلوب، فالمراد ترك المعاصي كلها، وهذا أعم فائدة.
(ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق): أعاد ذكر القتل، وإن كان داخلا في الفواحش، تفخيما لشأنه، وتعظيما لأمره، والنفس المحرم قتلها هي نفس المسلم والمعاهد، دون الحربي، والحق الذي يستباح به قتل النفس المحرم قتلها،