الحجة: قال ابن جني: هذا متضعف الإعراب عندنا، لأنه حذف المبتدأ العائد إلى الذي، لأن تقديره على الذي هو أحسن، وإنما يحذف من صلة الذي الهاء المنصوبة بالفعل، الذي هو صلتها، نحو مررت بالذي ضربت أي: ضربته، ومن المفعول بدله، وطال الاسم بصلته، فحذف الهاء لذلك، وليس المبتدأ بنيف، ولا فضلة، فيحذف تخفيفا، لا سيما وهو عائد الموصول، وعلى أن هذا قد جاء نحوه عنهم، حكى سيبويه عن الخليل أنه سمع ما أنا بالذي قائل لك شيئا وسوءا، أي: بالذي هو قائل لك، وقال: لم أر مثل الفتيان في غير الأيام ينسون ما عواقبها أي: ينسون الذي هو عواقبها.
ويجوز أن يكون ينسون معلقة، كما علقوا نقيضتها التي هي يعلمون، فيكون (ما) استفهاما، وعواقبها: خبر ما، كقولك: قد علمت من أبوك، وعلى الوجه الأول حمله أصحابنا، وقال الزجاج: (تماما) منصوب بأنه مفعول له، وكذلك (تفصيلا) وما بعده، والمعنى آتيناه لهذه العلة أي: للتمام ولتفصيل (أنزلناه):
في موضع رفع بأنه صفة كتاب المعنى: (ثم آتينا موسى الكتاب) قيل في معنى ثم آتينا موسى الكتاب، مع أن كتاب موسى قبل القرآن، وثم يقتضي التراخي وجوه أحدها: إن فيه حذفا وتقديره، ثم قل يا محمد آتينا موسى الكتاب بدلالة قوله: (قل تعالوا) وثانيها: إن تقديره ثم أتل عليكم آتينا موسى الكتاب، ويكون عطفا على معنى التلاوة، والمعنى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم، ثم أتل عليكم ما آتاه الله موسى، عن الزجاج وثالثها: إنه عطف خبر على خبر، لا عطف معنى على معنى، وتقديره ثم أخبركم أنه أعطى موسى الكتاب، والذي يؤيده قول الشاعر:
ولقد ساد، ثم ساد أبوه، ثم قد ساد، قبل ذلك، جده ورابعها: إنه يتصل بقوله في قصة إبراهيم: (ووهبنا له إسحاق ويعقوب) فعد سبحانه نعمته عليه بما جعل في ذريته من الأنبياء، ثم عطف عليه بذكر ما أنعم عليه بما أتي موسى من الكتاب والنبوة، وهو أيضا من ذريته، عن أبي مسلم، واستحسنه المغربي (تماما على الذي أحسن) قيل فيه وجوه أحدها: تماما على إحسان موسى، فكأنه قال: ليكمل إحسانه الذي يستحق به كمال ثوابه في الآخرة، عن الربيع،