والسدي، وثانيها: بأن يأخذ القيم عليه بالأكل بالمعروف دون الكسوة، عن ابن زيد، والجبائي وثالثها: بأن يحفظ عليه حتى يكبر.
(حتى يبلغ أشده) اختلف في معناه، فقيل: إنه بلوغ الحلم، عن الشعبي، وقيل: هو أن يبلغ ثماني عشرة سنة. وقال السدي: هو أن يبلغ ثلاثين سنة، ثم نسخها قوله (حتى إذا بلغوا النكاح) الآية. وقال أبو حنيفة: إذا بلغ خمسا وعشرين سنة، دفع المال إليه، وقبل ذلك يمنع منه إذا لم يؤنس منه الرشد، وقيل: إنه لا حد له. بل هو أن يبلغ ويكمل عقله، ويؤنس منه الرشد، فيسلم إليه ماله، وهذا أقوى الوجوه، وليس بلوغ اليتيم أشده مما يبيح قرب ماله بغير الأحسن، ولكن تقديره: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن على الأبد، حتى يبلغ أشده، فادفعوا إليه بدليل قوله: (ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا).
(وأوفوا) أي: أتموا (الكيل والميزان بالقسط) أي: بالعدل والوفاء، من غير بخس (لا نكلف نفسا إلا وسعها) أي: إلا ما يسعها، ولا يضيق عنه، ومعناه هنا: إنه لما كان التعديل في الوزن والكيل على التحديد من أقل القليل، يتعذر، بين سبحانه أنه لا يلزم في ذلك إلا الاجتهاد في التحرز من النقصان (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قرى) أي: فقولوا الحق، وإن كان على ذي قرابة لكم، وإنما خص القول بالعدل دون الفعل، لأن من جعل عادته العدل في القول، دعاه ذلك إلى العدل في الفعل، ويكون ذلك من آكد الدواعي إليه. وقيل: معناه: إذا شهدتم أو حكمتم فاعدلوا في الشهادة والحكم، وإن كان المقول عليه، أو المشهود له، أو عليه، قرابتك، وهذا من الأوامر البليغة التي يدخل فيها مع قلة حروفها الأقارير، والشهادات، والوصايا، والفتاوى، والقضايا، والأحكام، والمذاهب، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
(وبعهد الله أوفوا) قيل في معنى عهد الله قولان أحدهما: إن كل ما أوجبه الله تعالى على العباد، فقد عهد إليهم بإيجابه عليهم، وبتقديم القول فيه، والدلالة عليه والآخر: إن المراد به النذور والعهود في غير معصية الله تعالى، والمراد أوفوا بما عاهدتم الله عليه من ذلك (ذلكم) أي ذلك الذي تقدم ذكره من ذكر مال اليتيم، وأن لا يقرب الا بالحق، وإيفاء الكيل، واجتناب البخس والتطفيف، وتحري الحق