قال رفعة بعد رفعة والثاني: إنه إلى درجات، فحذفت إلى كما حذفته في قولك:
دخلت البيت وتقديره إلى البيت والثالث: أن يكون مفعولا من قولك ارتفع درجة، ورفعته درجة، مثل اكتسى ثوبا، وكسوته ثوبا.
المعنى: لما أمر سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ببيان الإخلاص في الدين، عقبه بأمره أن يبين لهم بطلان أفعال المشركين، فقال: (قل) يا محمد لهؤلاء الكفار، على وجه الانكار (أغير الله أبني ربا وهو رب كل شئ) وتقديره: أيجوز أن أطلب غير الله ربا، وأطلب الفوز بعبادته، وهو مربوب مثلي، وأترك عبادة من خلقني ورباني، وهو مالك كل شئ، وخالقه، ومدبره، وليس بمربوب، أم هذا قبيح في العقول، وهو لازم لكم على عبادتكم الأوثان (ولا تكسب كل نفس إلا عليها) أي: لا تكسب كل نفس جزاء كل عمل من طاعة، أو معصية، إلا عليها، فعليها عقاب معصيتها، ولها ثواب طاعتها، ووجه اتصاله بما قبله أنه لا ينفعني في ابتغاء رب غيره، ما أنتم عليه من ذلك، لأنه ليس بعذر لي في اكتساب الإثم، اكتساب غيري له، (و) لأنه (لا تزر وازرة وزر أخرى) أي: لا يحمل أحد ذنب غيره، ومعناه: ولا يجازى أحد بذنب غيره. وقال الزجاج: معناه لا تؤخذ نفس غير آثمة بإثم أخرى.
وقيل: إن الكفار قالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: اتبعنا وعلينا وزرك إن كان خطأ، فأنزل الله هذا. وفيه دلالة على فساد قول المجبرة ان الله تعالى يعذب الطفل بكفر أبيه.
(ثم إلى ربكم مرجعكم) أي: مالكم ومصيركم (فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) أي: يخبركم بالحق فيما اختلفتم فيه، فيظهر المحسن من المسئ (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض) أخبر سبحانه أنه الذي جعل الخلق خلائف الأرض، ومعناه: إن أهل كل عصر يخلف أهل العصر الذي قبله، كلما مضى قرن، خلفهم قرن، يجري ذلك على انتظام واتساق، حتى تقوم الساعة على العصر الأخير، فلا يخلفه عصر، وهذا لا يكون إلا من عالم مدبر، عن الحسن، والسدي، وجماعة.
وقيل: المراد بذلك أمة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، جعلهم الله تعالى خلفاء لسائر الأمم، ونصرهم على سائر الخلق.
(ورفع بعضكم فوق بعض درجات) في الرزق، عن السدي. وقيل: في الصورة، والعقل، والعمر، والمال، والقوة، وهذا أولى، لأن الأول يدخل فيه.