جماعة بوجوب السورة وكراهة القرآن فلا يتم استدلال بها على الامرين المتنافيين ويمكن حل الاشكال على تقدير تسليم انحصار الدليل على وجوب السورة في الرواية بأن النهى فيها متعدد والحرف الدال عليه مكرر فيجوز حمل الأول على التحريم جريا له على بابه وحقيقته لعدم المعارض المقتضى لحمله على غيرها وحمل الثاني وهو قوله ولا أكثر على الكراهة لاقتضاء تعارض الاخبار وجوب الجمع مع الامكان وهو هنا ممكن والمصنف رحمه الله حمل النهى فيها على التحريم في الموضعين حذرا من ذلك والمحقق في المعتبر حمله على الكراهة فيهما لما ثبت هنا وفرقهما أولى وإن كان خلاف الظاهر لما ذكرناه من العارض الموجب له والله أعلم ويجب (الجهر صح) بالقراءة في الصبح وأولتي المغرب وأولتي العشاء والاخفات بها في البواقي وهي الظهران مطلقا وأخيرة المغرب وأخيرتا العشاء سواء قرأ فيهما أم عوض عنه بالتسبيح على المشهور والقول بوجوب الجهر والاخفات في مواضعهما هو المشهور بين الأصحاب بل ادعى الشيخ فيه الاجماع ومستنده مع ذلك رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه أو أخفت فيما لا ينبغي الاخفات فيه فقال إن فعل ذلك متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة وإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدرى فلا شئ عليه وقد تمت صلاته ونقل عن المرتضى وابن الجنيد القول باستحبابهما والعمل على المشهور واحترزنا بالتقييد بالقراءة عن باقي الأذكار كالتكبير والتسبيح والتشهد والتسليم فإن الجهر والاخفات فيها غير متعين وحكمهما مختص بالرجل دون المرأة فترك التصريح به في العبارة اخلال إذ ليس في السياق إشعار به فإن البحث السابق كله مشترك بينهما والاجماع على أن المرأة لا جهر عليها حتما بل يجوز لها السر مطلقا والجهر إن لم يسمعها الأجنبي ومعه يحرم عليها وتفسد الصلاة للنهي في العبادة المقتضى لفسادها وهل الخنثى هنا كالمرأة فتتخير أو كالرجل فيجب الجهر في مواضعه وتحرى موضع لا يسمعها الأجنبي فإن تعذر وجب الاخفات قولان واعلم أن الجهر والاخفات كيفيتان متضادتان لا تجتمعان في مادة كما نبه عليه المصنف في النهاية فأقل السر أن يسمع نفسه لا غير تحقيقا أو تقديرا وأكثره أن لا يبلغ أقل الجهر وأقل الجهر أن يسمع من قرب منه إذا كان صحيح السمع مع اشتمال القراءة على الصوت الموجب لتسميته جهرا عرفا وأكثره أن لا يبلغ العلو المفرط وربما فهم بعضهم أن بين أكثر السر وأقل الجهر تصادقا وهو فاسد لأدائه إلى عدم تعيين أحدهما لصلاة لامكان استعمال الفرد المشترك حينئذ في جميع الصلوات أو هو خلاف الواقع لان التفصيل قاطع للشركة وكذا يجب اخراج الحروف من مواضعها المنقولة بالتواتر فلو أخرج حرفا من مخرج غيره كالضاد الذي مخرجه أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس يخرجه من مخرج الظاء وهو ما بين طرف اللسان والطرف الأدنى من الثنايا بطلت الصلاة و يستفاد من تخصيص الوجوب بمراعاة المخارج والاعراب فيما تقدم عدم وجوب مراعاة الصفات المقررة في العربية من الجهر والهمس والاستعلاء والاطباق ونظائرها وهو كذلك بل مراعاة ذلك مستحبة والبسملة في أول الحمد وأول السورة عدا سورة براءة وهو موضع اجماع من الأصحاب والاخبار في ذلك من طرقنا وطرق العامة كثيرة وروى عن ابن عباس أنه قال سرق الشيطان من الناس مئة وثلاثة عشر آية حتى ترك بعضهم قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في أوائل السور والموالاة بين الكلمات بأن لا يقرأ خلالها غيرها ولا يسكت بحيث يخل بها فيعيد القراءة لو قرأ خلالها غير ما هو مأمور به وإن كان منها إذا لم يكن دعاء ونحوه مما هو مستثنى وإطلاق المصنف إعادة القراءة مع تخلل قراءة غيرها الشامل ذلك لكونه عمدا أو نسيانا غير معهود من مذهبه بل لا نعلم به قائلا والذي اختاره في كثير من كتبه واختاره الشهيد رحمه الله وجماعة بطلان الصلاة مع تعمد قراءة غيرها وبطلان القراءة لا غير مع النسيان أما الأول
(٢٦٥)