إمكان تصوير وقوع النية قبل القيام والتكبير بعده فهو فرض بعيد لا يقع إن سلم إلا بتجشم كلفة فلم يعتبره فإن قيل الحكم بالبطلان يقتضى سبق الصحة إذ لا يقال للصلاة غير المنعقدة من رأس أنها باطلة كما هو المتعارف والصلاة هنا لم يسبق لها انعقاد حتى يلحقه البطلان قلنا العبادة الباطلة عند الأصوليين غير الموافقة لمراد الشارع سواء سبق انعقادها ثم طرأ عليها البطلان أم حصلت المخالفة لمراد الشارع فيها ابتداء ولا اعتبار بالمتعارف المخالف للاصطلاح ورد المصنف بذلك على الشيخ رحمه الله حيث جوز في الخلاف الاتيان ببعض التكبير منحنيا ولم يعلم مأخذه واعلم إن الاخلال بحرف من التكبير يتحقق بوصل إحدى الهمزتين في الكلمتين فإن وصل الهمزة اسقاط لها بالكلية كما ذكره أهل العربية من أن همزة الوصل تسقط في الدرج ووجه البطلان مع وصل همزة أكبر ظاهر لأنها همزة قطع وأما همزة الله فلأنها وإن كانت همزة وصل إلا أن سقوط همزة الوصل إنما هو في الدرج في كلام متصل بها قبلها ولا كلام قبل التكبير فإن النية إرادة قلبية لا مدخل للسان فيها ولو فرض تلفظ المصلى بها لم يترتب على لفظه حكم لأنه من لغو الكلام ومخالف للمنقول عن صاحب الشرع صلى الله عليه وآله فإنه كان يقطعها وقد قال صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني أصلى وربما نقل عن بعض المتأخرين جواز الوصل حينئذ عملا بظاهر القانون العربي وهو مندفع بأن الموجب لقطعها ثبت قبل إحداث الناس التلفظ بالنية فإنه أمر حدث بعد النبي صلى الله عليه وآله وبعد خاصته بل بعد كثير من العلماء المتقدمين فإنهم لم يتعرضوا للبحث عن النية ولا عن شئ من أحكامها بناء على أنها أمر مركوز في جبلة العقلاء حتى أن الانسان لا يكاد يفعل فعلا خاليا عن القصد والداعي مع كونه عاقلا مختارا فلما خلف من بعدهم خلف أضاعوا حدود الاحكام وأهملوا حقائق شرائع الاسلام فنبههم المتأخرون على النية وقيودها وأوضحوا لهم أحكامها وحدودها وهي تكليف سهل وأمر هين محصلها بعث الهمة والقصد إلى فعل الصلاة المعينة لله تعالى وهذا القدر من القصد لا يتوقف على مساعدة اللسان وكيف يتوهم العاقل إن العزم على شئ والقصد إلى فعله يتوقف على التلفظ به ولو كان الامر كذلك لكان الخلق في غالب الأوقات يتكلمون بمقاصدهم إذ لا ينفكون عن المقاصد غالبا فخلاف ذلك صادر عن غلبة أمر وهمي ووسواس شيطاني لا يترتب عليه أثر شرعي بحيث يغير ما هو الامر الأصلي من قطع الهمزة عند الابتداء بها فلا جرم إن من أخل بقطع الهمزة فقد أخل بحرف من التكبيرة فتبطل الصلاة ويجب التلفظ بها بالعربية مع القدرة وقوفا مع المنقول عن صاحب الشرع صلى الله عليه وآله لأنه كذلك كبر وقال صلوا كما رأيتموني أصلى والعاجز عن العربية يتعلم واجبا من باب المقدمة فإن تعذر لضيق الوقت أحرم بلغته مراعيا في ذلك المعنى العربي فيقول الفارسي خدا بزرك تر فلو ترك صفة التفضيل وهي تر لم يصح كما ذكره المصنف في النهاية والأخرس يأتي منها بالمقدور فإن عجز عن التلفظ أصلا وجب عليه أن يعقد قلبه بها محركا لسانه مشيرا بإصبعه أما الأول فلان الإشارة والتحريك لا اختصاص لهما بالتكبير فلا بد لمريده من مخصص وأما تحريك اللسان فلانه كان واجبا مع القدرة على النطق فلا يسقط بالعجز عنه إذ لا يسقط الميسور بالمعسور فهو أحد الواجبين ابتداء وأما وجوب الإشارة بالإصبع فذكره المصنف في غير هذا الكتاب وبعض الأصحاب ولا شاهد له على الخصوص نعم روى السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال تلبية الأخرس وتشهده وقرائته للقرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته بإصبعه فعدوه إلى التكبير نظرا إلى أن الشارع جعل له مدخلا في البدلية عن النطق ولا يخفى أنه أحوط وفى حكم الأخرس من عجز عن النطق لعارض وفى بعض عبارات المصنف وغيره إن الأخرس يعقد قلبه بمعنى
(٢٥٩)