الثانية للانسان وتوضيح ذلك أن الطبيعة الأولى للشئ هي ذاته وماهيته كالحيوان الناطق بالنسبة إلى الانسان وما خرج عن ماهيته من الصفات والكمالات الوجودية اللاحقة لها سمى طبيعة ثانية سواء كانت لازمة كالضحك والتنفس بالقوة للانسان أم مفارقة كهما بالفعل له وسواء كانت لاحقة بلا واسطة كالتعجب اللاحق للانسان أم بواسطة أمر خارج عنه مساو له كالضحك اللاحق له بواسطة التعجب أم بواسطة جزئية كالحركة الإرادية اللاحقة له بواسطة أنه حيوان ثم لما كان السهو ليس طبيعة أولى وهو ظاهر ولا ثانية لأنه أمر عدمي فإن العدم جزء مفهومه لأنه زوال الصورة العلمية عن القوة الذاكرة أو عدم العلم بعد حصوله عما من شأنه أن يكون عالما كما تقدم لكنه أشبه الطبيعة الثانية في العروض والكثرة التي تشبه اللزوم كان كالطبيعة الثانية للانسان خصوصا على التعريف الثاني فإن العدم المنسوب إلى الملكة له خط من الوجود بافتقاره إلى محل وجودي كافتقار الملكة إليه فإنه عبارة عن عدم شئ مع إمكان اتصاف الموضوع بذلك الشئ كالعمى فإنه عدم البصر لا مطلقا بل عن شئ من شأنه أن يكون بصيرا فهو يفتقر إلى الموضوع الخاص المستعد للملكة كما تفتقر الملكة إليه بخلاف باقي الاعدام ثم أكد الاعتذار عما يجده من الخلل بقوله ومثلي ممن لم يتصف بالعصمة من بني آدم والتعبير بالمثل كناية عن أنى لا أخلو من ذلك من قبيل قولهم مثلك لا ينجل ومثلك من يجود فإنه كناية عن ثبوت الفعل أو نفيه عمن أضيف إليه لفظ مثل لأنه إذا ثبت الفعل لمن سيد مسده ومن هو على أخص أوصافه أو نهى عنه كان من مقتضى القياس والعرف أن يفعل هو كذا أو أن لا يفعل ومن لازم هذه الكناية تقديم لفظ مثل كما قرر في المعاني ولفظة يخلو من قوله لا يخلو ليس بعدها ألف لان الواو فيها لام الفعل المعتل وإنما أثبتوا الألف بعد الواو المزيدة وهي واو الجماعة فرقا بينها وبين الأصلية كهذه ونظائرها فإتيانه بعدها خطأ من تقصير في اجتهاد لابتنائه على مقدمات متعددة وقواعد متبددة يحتاج إلى استحضارها في كل مسألة يجتهد فيها وذلك مظنة التقصير ولهذا اختلفت الأنظار في الفروع التي لم ينص على عينها كما هو معلوم والله الموفق للسداد وهو الصواب والقصد من القول والعمل قاله في الصحاح فليس المعصوم من بني آدم كما يقتضيه الاستثناء من النفي المستلزم لحصر الاثبات في المستثنى مع الاجماع على عصمة الملائكة عليهم السلام مع خروجهم عن الأنبياء والأوصياء فلولا التقييد ببني آدم أشكل الحصر إلا من عصمه الله ومن في قوله من أنبيائه وأوصيائه لبيان الجنس لاتفاقنا على عصمة الجميع والتقدير ليس المعصوم من نوع الانسان إلا الأنبياء وأوصيائهم عليهم أفضل الصلوات وأكمل التحيات جمع تحية والأصل تحيية نقلت كسرة الياء إلى ما قبلها وأدغم الياء في الياء واشتقاقها من الحياة لان المحيى إذا حيا صاحبه فقد دعا له بالسلامة من المكاره والموت من أشدها فدخل في ضمنها واختصت بالاشتقاق منها لقوتها والمراد هنا ما هو أعم من ذلك ونبدأ في الترتيب وهو جمع الأشياء المختلفة وجعلها بحيث يطلق عليها اسم واحد ويكون لبعضها نسبة إلى بعض بالتقدم والتأخر في النسبة العقلية وإن لم تكن مؤتلفة وهو أعم من التأليف من وجه لأنه ضم الأشياء مؤتلفة سواء كانت مترتبة الوضع أم لا وهما معا أخص من التركيب مطا لأنه ضم الأشياء مؤتلفة كانت أم لا مرتبة الوضع أم لا ومنهم من جعل الترتيب أخص مطا من التأليف ومنهم من جعلهما مترادفين ومنهم من جعل التركيب والتأليف مترادفين فهذه ألفاظ ثلاثة موضوعة للدلالة على ضم شئ إلى آخر يحسن التنبيه عليها بالأهم فالأهم أي نبدء بالأهم أولا فإذا فرغنا منه ذكرنا الأهم بالنسبة إلى الباقي فبدء بالعبادات أولا إذ الاحكام الأخروية
(١١)