بعدهما للقطع بسلامة طهارة مبيحة ولو فرض تخلل صلاة واجبة بينهما وجب إعادتها مطلقا ويمكن تصور وجوب الثاني بغير النذر بأن ذهل عن الأول فتوضأ واجبا وصلى فإن الوضوء الثاني رافع أيضا للجزم فيه بنية الوجوب و مطابقة الجزم للواقع أو مع ندبهما كما لو توضأ قبل حصول السبب ثم جدد الوضوء ندبا ثم دخل الوقت فصلى به ثم ذكر الاخلال المجهول فإن الصلاة صحيحة أيضا لان الجزم حاصل بسلامة طهارة منهما وإلى هذه الصورة أشار المصنف بقوله إلا مع ندبية الطهارتين كذا فسره شيخنا الشهيد رحمه الله في الشرح وهو الظاهر من كلام المصنف في النهاية ولا يخل من إشكال ويمكن تفسير الندبين على وجه يرفع الاشكال بأن يتوضأ ندبا قبل السبب ثم يذهل عنه ويتوضأ ندبا أيضا ثم يصلى به وكذا مع ندب الأول ووجوب الثاني على تقدير الذهول عن الأول الواقع قبل الوقت فتوضأ واجبا بعده أو نذر تجديد الوضوء الواقع قبل الوقت سواء كان قبله أم بعده مع عدم الذهول عنه هذا كله على تقدير اشتراط نية الوجه وعدم وجوب نية أحد الامرين الرفع أو الاستباحة أما على هذا التقدير كما هو مختار المصنف في أكثر كتبه لا يتصور في الواجبين بتقدير نذر التجديد لعدم نية أحدهما في المجدد وإن نذر كما سيأتي تحقيقه ولا في الواجب بعد المندوب كذلك نعم يتصور على تقدير الذهول في الواجبين والمندوبين والواجب بعد المندوب كما سلف دون العكس إلا بتقدير توسط صلاة بينهما كما لو توضأ للصبح مثلا وصلاها ثم توضأ ندبا قبل الزوال وصلى الظهر ثم ذكر الاخلال فإن الظهر واقعة بعد طهارة رافعة ظاهرا وإن وجب إعادة الصبح قطعا لكن في هذا الفرض إشكال يأتي تحقيقه و الشهيد رحمه الله حكى في الشرح عن شيخه عميد الدين فرض الذهول على هذا التقدير في صورة الندبين ولا فرق بينهما وبين الأخريين وقال في توجيه إباحة الثاني على تقدير الذهول ولا يرد كونه غير مكلف حالة الغفلة لأنه غير مكلف بالمذهول عنه وكلامنا في المذكور ولا كونه على حالة لو ذكر لما جزم لأنا نعتبر جزمه حالة النية كما لو شهد العدلان ظاهرا بالهلال فصام فإنه على حاله لو علم فسقهما لما جزم وقد حكموا بصحة صومه على تقدير ثبوت الهلال بغيرهما بعد ذلك ويمكن فرض الواجبين كذلك فيمن تيقن الحدث وشك في الطهارة أو تيقنهما ولا يعلم حاله قبل زمان الطهارتين ثم ذكر بعد الطهارة الثانية تقدم الحدث على الأولى فإنه سوغ له الطهارة بجزم معتبر شرعا واعلم أنه على القول بالاجتزاء بنية القربة تصح الصلاة على جميع التقادير لسلامة طهارة قطعا وهو واضح وكذا على القول بأن المجدد يرفع الحدث كما اختاره الشيخ في المبسوط والمحقق في المعتبر والشهيد في الدروس بناء على أنه طهارة شرعية قصد بها تحصيل فضيلة لا تحصل إلا بها فإن شرعية المجدد لاستدراك ما عساه فات في الأولى فينبغي أن يحصل له ذلك والاستباحة إنما تكون معتبرة مع الذكر أما إذا ظن المكلف حصولها فلا كيف وهم يعللون مشروعية المجدد بما قلناه ومثله استحباب الغسل أول ليلة من شهر رمضان تلافيا لما عساه فات من الأغسال الواجبة والاتفاق واقع على أجزاء يوم الشك بنية الندب عن الواجب والصدقة بدرهم تمرا كفارة لما لعله لزمه في الاحرام وفتح هذا الباب يؤدى إلى سد باب الاحتياط وأقول لابد قبل الحكم برفع الوضوء المجدد من تحقيق حال نيته فإن الذي يظهر من كلام المصنف في التذكرة والنهاية أنه مقتصر فيه على نية القربة وإن المقصود به زيادة التنظيف خاصة وعلى هذا فعدم حكمه بأنه رافع متوجه عند من لا يكتفى بها لكن الظاهر من كلام المحقق في المعتبر بعد حكمه برفعه أنه لا بد فيه من نية استباحة الصلاة فلو نوى وضوءا مطلقا لم يرفع مع أنه حكم فيه بعدم نية الوجوب في الوضوء الواجب فعلى هذا نية الوضوء المجدد على تقدير الحكم بالرفع كنية الأول و ح يتجه ما تقدم من التعليل برفعه وهذا هو الظاهر من كلام الشهيد رحمه الله في الذكرى فإنه قال بعد نقله كلام المصنف بعدم رفعه معللا بعدم نية
(٤٥)