مما يغترف منه باليد لما روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يحب التيامن في طهوره وشأنه كله ولو كان الاناء لا يمكن الاغتراف منه وضع على اليسار ليصب منه في اليمين للغسل بها أو للإدارة إلى اليسار والاغتراف بها مطلقا وعند إرادة غسلها يدار منها إلى اليسار لفعل الباقر عليه السلام ذلك في وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وفي حديث عن الباقر عليه السلام أنه أخذ باليسرى فغسل اليمنى وهو لبيان الجواز والتسمية وهي بسم الله وبالله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ولو اقتصر على بسم الله أجزأ ولو نسيها في الابتداء تدارك في الأثناء كما في الأكل وكذا لو تعمد تركها مع احتمال عدمه هنا وتثنية الغسلات في الأعضاء الثلاثة بعد إتمام الغسلة الأولى على أصح الأقوال ونقل ابن إدريس فيه الاجماع بناء على عدم قدح معلوم النسب فيه وقد روى عن أبي عبد الله عليه السلام الوضوء مثنى مثنى وليس المراد به الواجب للاجماع على الاجتزاء بالمرة فتحمل الثانية على الندب ويظهر من الصدوق رحمه الله عدم شرعية الثانية حيث قال لا يؤجر عليها وهو يقتضى أنها ليست من الوضوء لان أفعاله أما واجبة أو مندوبة وكلاهما محصل للأجر محتجا بما روى عن الصادق عليه السلام والله ما كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله إلا مرة مرة ونحوه وهو محمول على الوضوء البياني الذي لا يقبل الصلاة إلا به جمعا بين الاخبار ويؤيده ما روى أن النبي صلى الله عليه وآله توضأ مرة مرة وقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ثم توضأ مرتين وقال هذا وضوء من ضاعف الله له الاجر ولو سلم أنه لغير البيان لم يدل على تحريم الثانية لان الاقتصار على الواحدة لا يدل على تحريم ما سواها مضافا إلى عدة روايات صحيحة دلت على شرعية الثانية والدعاء عند كل فعل من أفعال الوضوء الواجبة والمستحبة بما روى عن أبي عبد الله عليه السلام قال بينما أمير المؤمنين عليه السلام قاعد ومعه ابنه محمد إذ قال يا محمد إيتني بإناء من ماء فأتاه به فصبه بيده اليسرى على يده اليمنى وقال الحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا ثم استنشق فقال اللهم لا تحرم على ريح الجنة واجعلني ممن يشم ريحها وطيبها وريحانها ثم تمضمض فقال اللهم أنطق لساني بذكراك واجعلني ممن ترضى عنه ثم غسل وجهه فقال اللهم بيض وجهي يوم تسود فيه الوجوه ولا تسود وجهي يوم تبيض فيه الوجوه ثم غسل يمينه فقال اللهم أعطني كتابي بيميني والخلد في الجنان بيساري وحاسبني حسابا يسيرا ثم غسل شماله فقال اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي وأعوذ بك من مقطعات النيران ثم مسح رأسه فقال اللهم غشني رحمتك وبركاتك وعفوك ثم مسح على رجليه فقال اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل فيه الاقدام واجعل سعيي فيما يرضيك عنى ثم التفت إلى محمد فقال يا محمد من توضأ مثل ما توضأت وقال مثل ما قلت خلق الله من كل قطرة ملكا يقدسه ويسبحه ويكبره و يهلله فيكتب له ثواب ذلك إلى يوم القيمة وزاد المفيد في دعاء الرجلين يا ذا الجلال والاكرام وإذا فرغ من الوضوء قال الحمد لله رب العالمين اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين وغسل اليدين من الزندين قبل إدخالهما الاناء والأولى أن يراد به مطلق الاناء سواء كان ماؤه قليلا أم كثيرا لعدم تحقق التعليل بالنجاسة الوهمية بل هو تعبد محض فيثبت الاستحباب مع تحقق طهارتهما لكن مع الكثرة وسعة رأس الاناء يكفي غسلهما فيه وعلى هذا لا فرق أيضا بين إمكان وضع اليد في الاناء أولا ككونه ضيق الرأس فيستحب غسلهما حينئذ قبل الاشتغال بباقي الأفعال وإن كان الأولى اختصاص (الحكم صح) في إيقاع النية عنده بالاناء الواسع المشتمل على الماء القليل كما تقدم وهذا الغسل يكون مرة من حدث النوم سواء في ذلك نوم الليل والنهار وسواء كانت اليد مطلقة أم مشدودة وسواء كان النائم مسرولا
(٤١)