فهذه الأحاديث توجب ما قلناه وهي منقولة نقل التواتر كما ترى * روينا من طريق وكيع عن سفيان عن الأسود بن قيس العبدي ان بشر بن علقمة قتل يوم القادسية عظيما من الفرس مبارزة وأخذ سلبه فأتى به إلى سعد ابن أبي وقاص فقومه اثنى عشر ألفا فنفله إياه سعد * ومن طريق واثلة بن الأسقع انه ركب وحده حتى أتى باب دمشق فخرجت إليه.
خيل منها فقتل منهم ثلاثة وأخذ خيلهم فاتى بها خالد بن الوليد وعنده عظيم الروم فابتاع منه سرج أحدها بعشرة آلاف ونفله خالد بن الوليد كل ما أخذ من ذلك، فهذا واثلة وخالد. وسعيد بحضرة الصحابة * ومن طريق ابن أبي شيبة نا عبد الرحيم (1) بن سليمان عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك قال: كان السلب لا يخمس وكان أول سلب خمس في الاسلام سلب البراء بن مالك، وكان قتل مر زبان الزأرة (2) وقطع منطقته وسواريه فلما قدمنا المدينة صلى عمر الصبح، ثم أتانا فقال: السلام عليكم أثم أبو طلحة؟ فقالوا: نعم فخرج إليه فقال عمر: انا كنا لا نخمس السلب وان سلب البراء مال وانى خامسه فدعا المقومين فقوموا ثلاثين ألفا فأخذ منها ستة آلاف * ومن طريق ابن جريج سمعت نافعا يقول: لم نزل نسمع منذ قط إذا التقى المسلمون والكفار فقتل مسلم مشر كافله سلبه إلا أن يكون في معمعة القتال فإنه لا يدرى أحد قتل أحدا، فهذا عمر يخبر عما سلف فصح أنه فعل أبى بكر ومن بعده وجميع أمرائهم، وهذا نافع يخبر أنه لم يزل يسمع ذلك وهو قد أدرك الصحابة، فصح أنه قول جميعهم بالمدينة، ولا يجوز أن يظن بعمر تعمد خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصح أنه استطاب نفس البراء، وهذا صحيح حسن لا ننكره، وهو قول الأوزاعي. وسعيد بن عبد العزيز. والليث بن سعد.
والشافعي. وأحمد. وأبي ثور. وأبى عبيد. وأبي سليمان. وجميع أصحاب الحديث إلا أن الشافعي. وأحمد قالا: ان قتله غير ممتنع فلا يكون له سلبه، وهذا خطأ لحديث سلمة ابن الأكوع الذي ذكرنا فإنه قتله غير ممتنع وفي غير قتال وأخذ سلبه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم * (فان قيل): فان أخذتم بعموم حديثه عليه السلام في ذلك فأعطوا من قتل مسلما بحق في قود، أو رجم، أو محاربة، أو بغى سلبه قلنا: لولا أن الله تعالى حرم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: وفي القرآن مال المسلم لفعلنا ما قلتم، فخرج سلب المسلم بهذا عن جملة هذا الخبر وبقى سلب الكافر على حكم الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم *