عن جعفر بن سليمان - هو الضبعي - عن ثابت البناني عن أنس قال: كان أبو طلحة قل ما يصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل العدو فلما توفى النبي صلى الله عليه وسلم ما رأيته مفطرا (1) إلا يوم أضحى أو يوم فطر * ومن طريق ابن أبي شيبة نا حماد بن خالد عن الزبير ابن عبد الله بن أميمة (2) عن جدته قالت: كان عثمان يصوم الدهر ويقوم الليل الا هجعة من أوله (3) * وعن الأسود، وعروة، وعبيد المكتب انهم كانوا يصومون الدهر * قال أبو محمد: هذا كله لا حجة لهم فيه أما عائشة رضي الله عنها فقد فرق عبد الرحمن ابن القاسم بن محمد بين صيام الدهر وبين سرد الصوم كما ذكرنا، ولم يثبت عليها (4).
الا السرد وهو المتابعة لا صوم الدهر، ولو صح عنها ذلك ولا يصح (5) * فقد روينا من طريق وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه ان عائشة أم المؤمنين كانت تصوم أيام التشريق * وكذلك صح عنها رضي الله عنها انها كانت تختار صوم يوم الشك من آخر شعبان، فإن كان ما لا يصح عنها من صوم الدهر حجة فالذي صح عنها من صوم أيام التشريق ويوم الشك حجة، وان لم يكن هذا حجة فليس ذلك حجة (6) (فان قالوا:) قد صح نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم أيام التشريق، قيل لهم: وقد صح نهيه عليه السلام عن صوم أكثر من نصف الدهر، وصح نهيه عن صوم الدهر * وأما خبر عمر فليس فيه الا السرد فقط وهو المتابعة لا صيام الدهر بل قد صح عنه تحريم صيام الدهر كما روينا من طريق وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن ابن عمر والشيباني قال: بلغ عمر بن الخطاب ابن رجلا يصوم الدهر فاتاه فعلاه بالدرة وجعل يقول: كل يا دهر كل يا دهر، وهذا في غاية الصحة عنه، فصح ان تحريم صوم الدهر كان من مذهبه، ولو كان عنده مباحا لما ضرب فيه ولا امر بالفطر * وأما عثمان فان الزبير بن عبد الله ابن أميمة وجدته مجهولان فسقط هذا الخبر * وأما أبو طلحة فقد روينا من طريق شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال: كان أبو طلحة يأكل البرد وهو صائم * قال أبو محمد: وفى الخبر الذي شغبوا به ان انسا قال: ما رأيته مفطرا الا يوم فطر أو يوم أضحى، ففي هذا الخبر انه كان يصوم أيام التشريق فإن لم يكن فعل أبى طلحة في أكله البرد وهو صائم حجة فصومه الدهر ليس حجة، ولئن كان صومه الدهر حجة فان أكله البرد في الصيام حجة فسقط كل ما موهوا به عن الصحابة رضي الله عنهم *