صنفا واحدا أو أصنافا شتى، فلو أن المرء أخذ شيئا مما يلي غيره ثم جعله أمام نفسه وتركه ثم أخذه فأكله فلا حرج عليه في ذلك * روينا من طريق سفيان بن عيينة قال: نا عطاء بن السائب قال: قال لنا سعيد بن جبير: سمعت ابن عباس يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البركة تنزل وسط الطعام فكلوا من نواحيه ولا تأكلوا من وسطه) سماع سفيان. وشعبة. وحماد بن زيد من عطاء بن السائب كان قبل اختلاطه (1) * ومن طريق البخاري نا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي نا محمد ابن جعفر عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي عن وهب بن كيسان (أبى نعيم) (2) عن عمر بن أبي سلمة المخزومي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: كل مما يليك) * ومن طريق أحمد بن شعيب انا عبد الله بن الصباح العطار نا عبد الأعلى نا معمر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ادنه يا بنى فسم الله وكل بيمينك وكل مما يليك) فلم يخص عليه السلام صنفا من أصناف، وذكر المفرقون بين ذلك خبرا رويناه من طريق محمد بن جرير الطبري نا محمد ابن المثنى نا العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية المنقري نا أبو الهذيل حدثني عبيد الله ابن عكراش بن ذئيب عن أبيه (انه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا بجفنة من ثريد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عكراش كل من موضع واحد فإنه طعام واحد ثم أتينا بطبق فيه ألوان من رطب أو تمر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عكراش كل من حيث شئت فإنه غير طعام واحد قال: وجالت يد النبي صلى الله عليه وسلم في الطبق) فعبيد الله بن العكراش بن ذؤيب (3) ضعيف جدا لا يحتج به، ومثل هذا لا يجوز أن يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يكاد يوجد طعام لا يكون أصنافا الا في الندرة فالثريد فيه لحم وخبز وربما بصل وحمص والمرق كذلك، ويكون في اللحم كبد وشحم ولحم وصدرة وظهر، وهكذا في أكثر الأشياء * فان ذكروا حديث أنس (دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فانطلقت منه فجئ بمرقة فيها دباء فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل من ذلك الدباء تعجبه قال أنس: فجعلت القية إليه ولا أطعمه) وفيه أيضا في رواية بعض الثقات (فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حول الصحفة) فان هذا خبر صحيح، وقد قال بعض أهل الظاهر: إنما هذا في الدباء خاصة * قال أبو محمد: وليس هذا عندنا كذلك لأنه فعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل: انه خاص بالدباء فلا ينبغي لنا أن نقوله لكن نقول: إن هذا الخبر موافق لمعهود الأصل، وقد كان
(٤٢٣)