وهذا تناقض عظيم، وأما قول عائشة رضي الله عنها فلا حجة في أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أن عائشة رضي الله عنها بلغها نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لما خالفته كما فعلت في تحريم الغراب إذ بلغها وليس مذكورا في الآية على ما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى * واما الرواية عن ابن عباس ففي غاية الفساد لأنها عن جويبر وهو هالك عن الضحاك وهو ضعيف، ولا حجة في أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم * وأما قول الزهري: انه لم يسمعه من علمائه بالحجاز فكان ماذا؟ وهبك ان الزهري لم يسمعه قط أترى السنن لا يؤخذ منها شئ حتى يعرفها الزهري؟ ان هذا لعجب ما سمع بمثله! فكيف والزهري لم يلفت إلى أنه لم يسمعه من علمائه بالحجاز بل أفتى به كما ذكرنا آنفا؟ وكم قصة خالفوا فيها عائشة والزهري إذا خالفهما مالك (إذ) (1) لا مؤنة عليهم في ذلك كما ذكرنا كثيرا منه ونذكر إن شاء الله تعالى، وهذه المسألة نفسها مما خالفوا فيه فتيا عائشة في الغراب وفتيا الزهري كما أوردنا وإنما هم كالغريق يتعلق بما يجد وإن كان فيه هلاكه، وأما قولهم: إنما نهى عنها لضرر لحمها فكلام جمع الغثاثة والكذب، أما الكذب فما عليهم بذلك ومن أخبرهم بهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا كذب عليه صلى الله عليه وسلم إذ قولوه ما لم يقل وإذ أخبروا عنه بما لم يخبر به قط عن نفسه، وهذه قصة مهلكة مؤدية إلى النار نعوذ بالله منها * وأما الغثاثة فان علمهم بالطب في هذه المسألة ضعيف جدا وما يشك من له أقل بصر بالأغذية في أن لحم الجمل الشارف والتيس الهرم أشد (3) ضررا من لحم الكلب والهر والفهد، ثم هبك انه كما قالوا فهل في ذلك ما يبطل النهى عنها؟ ما هو الا تأكيد في المنع منها، ثم قد شهدوا على أنفسهم بإضاعة المال والمعصية (4) في ذلك إذ تركوا الكلاب والسنانير تموت على المزابل وفي الدور ولا يذبحونها فيأكلونها إذ هي حلال ولو أن امرء افعل هذا بغنمه وبقره لكان عاصيا لله تعالى بإضاعة ماله * وأما الضباع فان الشافعي وأبا سليمان أباحا اكلها، والحجة لذلك ما رويناه من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الله بن عبيد بن عمير (5) ان عبد الرحمن بن أبي عمار أخبره قال: سألت جابر بن عبد الله عن الضبع أآكلها؟ قال: نعم قلت: أصيد هي؟ قال
(٤٠١)