فقد كان أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب خليفتا رسول الله صلى الله عليه وسلم ووزيراه وخير الناس بعده في حال إمامتهما يسئلان عن الحكم فلا يعرفان ما فيه من السنة يسئلان الناس فيخبرا أبو بكر عن ميراث الجدة فقال مالك في كتاب الله شئ ولا اعلم لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ولكن ارجعي حتى أسأل الناس ثم قام فقال أنشد الله من يعلم قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجدة فقام المغيرة بن شعبة فقال اشهد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس وسأل عمر عن املاص المرأة فأخبره المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة ولا يشترط معرفة المسائل التي فرعها المجتهدون في كتبهم فإن هذه فروع فرعها الفقهاء بعد حيازة منصب الاجتهاد فلا تكون شرطا له وهو سابق عليها وليس من شرط الاجتهاد في مسألة أن يكون مجتهدا في كل المسائل بل من عرف أدلة مسألة وما يتعلق بها فهو مجتهد فيها وان جهل غيرها كمن يعرف الفرائض وأصولها ليس من شرط اجتهاده فيها معرفته بالبيع ولذلك ما من إمام الا وقد توقف في مسائل وقيل من يجيب في كل مسألة فهو مجنون وإذا ترك العالم لا أدري أصيبت مقاتله وحكي أن مالكا سئل عن أربعين مسألة فقال في ست وثلاثين منها لا أدري ولم يخرجه ذلك عن كونه مجتهد أو إنما المعتبر أصول هذه الأمور وهو مجموع مدون في فروع الفقه وأصوله فمن عرف ذلك ورزق فهمه كان مجتهدا له الفتيا وولاية الحكم إذا وليه والله أعلم
(٣٨٤)