في لسانه استعماله بمعنى الطهر في موضع فوجب أن يحمل كلامه على المعهود في لسانه، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " طلاق الأمة طلقتان وقرؤها حيضتان " ورواه أبو داود وغيره، فإن قالوا هذا يرويه مظاهر بن مسلم وهو منكر الحديث قلنا قد رواه عبد الله بن عيسى عن عطية العوفي عن ابن عمر كذلك أخرجه ابن ماجة في سننه وأبو بكر الخلال في جامعه وهو نص في عدة الأمة فكذلك عدة الحرة ولان ظاهر قوله تعالى (يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) وجوب التربص ثلاثة كاملة ومن جعل القروء الأطهار لم يوجب ثلاثة لأنه يكتفي بطهرين وبعض الثالث فيخالف ظاهر النص ومن جعله الحيض أوجب ثلاثة كاملة فيوافق ظاهر النص فيكون أولى من مخالفته ولأن العدة استبراء فكانت بالحيض كاستبراء الأمة وذلك لأن الاستبراء لمعرفة براءة الرحم من الحمل والذي يدل عليه الحيض فوجب أن يكون الاستبراء به، فإن قيل لا نسلم ان استبراء الأمة بالحيضة وإنما هو بالطهر الذي قبل الحيضة كذلك قال ابن عبد البر وقال قولهم ان استبراء الأمة حيضة باجماع ليس كما ظنوا بل جائز لها عندنا أن تنكح إذا دخلت في الحيضة واستيقنت ان دمها دم حيض كذلك قال إسماعيل بن إسحاق ليحيى بن أكثم حين دخل عليه في مناظرته إياه، قلنا هذا يرده قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة " ولان الاستبراء تعرف براءة الرحم وإنما يحصل بالحيضة لا بالطهر الذي قبلها ولأن العدة تتعلق بخروج خارج من الرحم فوجب أن تتعلق بالطهر كوضع الحمل
(٨٤)