أحق من بقية الحواس فإن نقص عقله نقصا معلوما مثل ان صار يجن يوما ويفيق يوما فعليه من الدية بقدر ذلك لأن ما وجب فيه الدية وجب بعضها في بعضه بقدره كالأصابع وان لم يعلم مثل ان صار مدهوشا أو يفزع مما لا يفزع منه ويستوحش إذا خلاف هذا لا يمكن تقديره فتجب فيه حكومة (فصل) فإن أذهب عقله بجناية لا توجب أرشا كاللطمة والتخويف ونحو ذلك ففيه الدية لا غير وان أذهبه بجناية توجب أرشا كالجراح أو قطع عضو وجبت الدية وأرش الجرح وبهذا قال مالك والشافعي في الجديد، وقال أبو حنيفة والشافعي في التقديم يدخل الأقل منهما في الأكثر فإن كانت اليد أكثر من أرش الجرح وجبت وحدها، وإن كان أرش الجرح أكثر كان قطع يديه ورجليه فذهب عقله وجبت دية الجرح ودخلت دية العقل فيه فإن ذهاب العقل تختل معه منافع الأعضاء فدخل أرشها فيه كالموت ولنا أن جناية أذهبت منفعة من غير محلها مع بقاء النفس فلم يتداخل الأرشان كما لو أوضحه فذهب بصره أو سمعه ولأنه لو جنى على أذنه أو أنفه فذهب سمعه أو شمه لم يدخل أرشهما في دية الأنف والاذن مع قربهما منهما فههنا أولى وما ذكروه لا يصح لأنه لو دخل أرش الجرح في دية العقل لم يجب أرشه إذا زاد على دية العقل كما أن دية الأعضاء كلها مع القتل لا يجب بها أكثر من دية النفس ولا يصح قولهم إن منافع الأعضاء تبطل بذهاب العقل فإن المجنون تضمن منافعه وأعضاؤه
(٦٣٤)