الحلقوم والمرئ، فهو حلال للأول، وعلى الثاني ما بين قيمته مذبوحا ومزمنا.
قال الامام: وإنما يظهر التفاوت إذا كان فيه حياة مستقرة، فإن كان متألما، بحيث لو لم يذبح لهلك، فما عندي أنه ينقص منه بالذبح شئ. وإن ذفف الثاني لا بقطع الحلقوم والمرئ، أو لم يذفف ومات بالجرحين، فهو ميتة. وكذا الحكم لو رمى إلى صيد فأزمنه، ثم رمى إليه ثانيا وذفف لا بقطع المذبح، ويجب على الثاني كمال قيمة الصيد مجروحا إن ذفف. فإن جرح بلا تذفيف، ومات بالجرحين، ففيما يجب عليه كلام له مقدمة نذكرها أولا، وهي: إذا جنى رجل على عبد أو بهيمة، أو صيد مملوك قيمته عشرة دنانير، جراحة أرشها دينار، ثم جرحه آخر جراحة أرشها دينار أيضا، فمات بالجرحين، ففيما يلزم الجارحين، أوجه.
أحدها: يجب على الأول خمسة دنانير، وعلى الثاني أربعة ونصف، لان الجرحين سريا وصارا قتلا، فلزم كل واحد نصف قيمته يوم جنايته، قاله ابن سريج، وضعفه الأئمة، لان فيه ضياع نصف دينار على المالك.
والثاني، قاله المزني، وأبو إسحاق، والقفال: يلزم كل واحد خمسة.
وعلى هذا لو نقصت جناية الأول دينارا، والثاني دينارين، لزم الأول أربعة ونصف، والثاني خمسة ونصف، ولو نقصت جناية الأول دينارين، والثاني دينارا، انعكس، فيلزم الأول خمسة ونصف، والثاني أربعة ونصف. وضعفوا هذا الوجه، لأنه سوى بينهما مع اختلاف قيمته حال جنايتهما.
والوجه الثالث، حكاه الامام عن القفال أيضا: يلزم الأول خمسة ونصف، والثاني خمسة، لان جناية كل واحد نقصت دينارا، ثم سرتا، والأرش يسقط إذا صارت الجناية نفسا، فيسقط عن كل واحد نصف الأرش، لان الموجود منه نصف القتل.
واعترض عليه، بأن فيه زيادة الواجب على المتلف. وأجاب القفال، بأن الجناية قد تنجر إلى إيجاب زيادة، كمن قطع يدي عبد فقتله آخر، وأجيب عنه،