غير المذبح، ولم يعرف السابق، فالمذهب: أن الصيد حرام، لاحتمال تقدم الأزمان، فلا يحل بعده إلا بقطع الحلقوم والمرئ. وقيل: فيه قولان، كمسألة الانماء السابقة. ووجه الشبه: اجتماع المبيح والمحرم.
والفرق على المذهب: أنه يقدم هناك جرح يحال عليه. فإن ادعى كل واحد أنه أزمنه أولا، وأن الآخر أفسده، فلكل واحد تحليف الآخر. فإن حلفا، فذاك.
وإن حلف أحدهما، لزم الناكل قيمته مزمنا. ولو قال الجارح أولا: أزمنته أنا، ثم أفسدته بقتلك، فعليك القيمة. وقال الثاني: لم تزمنه، بل كان على امتناعه إلى أن رميته فأزمنته أو ذففته. فإن اتفقا على عين جراحة الأول، وعلمنا أنه لا يبقى امتناع معها، ككسر جناحه، وكسر رجل الممتنع بعدوه، فالقول قول الأول بلا يمين، وإلا، فقول الثاني، لان الأصل بقاء الامتناع. فإن حلف، فالصيد له، ولا شئ عليه للأول، وإن نكل، حلف الأول، واستحق قيمته مجروحا بالجراحة الأولى، ولا يحل الصيد، لأنه ميتة بزعمه. وهل للثاني أكله؟ وجهان. قال القاضي الطبري: لا، لان إلزامه القيمة حكم بأنه ميتة. وقيل: نعم، لان النكول في خصومة الآدمي لا تغير الحكم فيما بينه وبين الله تعالى.
ولو علمنا أن الجراحة المذففة سابقة على التي لو انفردت لكانت مزمنة، فالصيد حلال. فإن قال كل واحد: أنا ذففته، فلكل تحليف الآخر. فإن حلفا، كان بينهما. وإن حلف أحدهما، فالصيد له، وعلى الآخر ضمان ما نقص.
فرع قال الشافعي رضي الله عنه في المختصر: لو رماه الأول والثاني، ولم يدر أجعله الأول ممتنعا، أم لا، جعلناه بينهما نصفين. واعترض عليه فقيل: ينبغي أن يحرم هذا الصيد، لاجتماع ما يقتضي الإباحة والتحريم.
وبتقدير الحل، ينبغي أن لا يكون بينهما، بل لمن أثبته.
واختلف في الجواب، فقيل: النص محمول على ما إذا أصاب المذبح، فيحل، سواء أصابه الأول أو الثاني، أو على ما إذا رمياه ولم يمت، ثم أدركه