يكون تركه الذبح مسقطا للضمان، كما لو جرح رجل شاته فلم يذبحها مع التمكن، لا يسقط الضمان. فعلى هذا فيما يضمن وجهان، قال الإصطخري: كمال قيمته مزمنا، كما لو ذفف، بخلاف ما إذا جرح عبده أو شاته وجرحه غيره أيضا، لان كل واحد من الفعل هناك إفساد، والتحريم حصل بهما، وهنا الأول إصلاح.
والأصح وقول جمهور الأصحاب: لا يضمن جميع القيمة، بل هو كمن جرح عبده وجرحه غيره، لان الموت حصل بهما، وكلاهما إفساد. أما الثاني، فظاهر. وأما الأول، فلان ترك الذبح مع التمكن، يجعل الجرح وسرايته إفسادا. ولهذا لو لم يوجد الجرح الثاني فترك الذبح، كان الصيد ميتة. فعلى هذا تجئ الأوجه في كيفية التوزيع على الجرحين، فحصة الأول تسقط، وحصة الثاني تجب.
الحال الثاني: إذا وقع الجرحان معا، نظر إن تساويا في سبب الملك، فالصيد بينهما، وذلك بأن يكون كل واحد مذففا، أو مزمنا لو انفرد، أو أحدهما مزمنا، والآخر مذففا، وسواء تفاوت الجرحان صغيرا وكبيرا، أو تساويا، أو كانا في المذبح، أو غيره، أو أحدهما فيه، والآخر في غيره. وإن كان أحدهما مذففا، أو مزمنا لو انفرد والآخر غير مؤثر، فالصيد لمن ذفف أو أزمن، ولا ضمان على الثاني، لأنه لم يجرح ملك الغير. ولو احتمل أن يكون الأزمان بهما أو بأحدهما، فالصيد بينهما في ظاهر الحكم، ويستحب أن يستحل كل واحد الآخر تورعا. ولو علمنا أن أحدهما مذفف، وشككنا هل للآخر أثر في الأزمان والتذفيف، أم لا؟ قال القفال: هو بينهما. فقيل له: لو جرح رجل جراحة مذففة، وجرحه أخر جراحة لا ندري أهي مذففة، أم لا؟ فمات، فقال: يجب القصاص عليهما. قال الامام:
هذا بعيد، والوجه تخصيص القصاص بصاحب المذففة. وفي الصيد، يسلم نصفه لمن جرحه مذففا، ويوقف نصفه بينهما إلى التصالح أو تبين الحال. فإن لم يتوقع بيان، جعل النصف الآخر بينهما نصفين.
الحال الثالث: إذا ترتب الجرحان، وأحدهما مزمن لو انفرد، والآخر مذفف وارد على المذبح، ولم يعرف السابق، فالصيد حلال. فإن اختلفا وادعى كل واحد أنه جرحه أولا وأزمنه، وأنه له، فلكل واحد تحليف الآخر. فإن حلفا، فالصيد بينهما، ولا شئ لأحدهما على الآخر. فإن حلف أحدهما فقط، فالصيد له، وله على الناكل أرش ما نقص بالذبح. ولو ترتبا، وأحدهما مزمن، والآخر مذفف في