ونذكر مثالين لذلك:
الأول: طبيب عنده مال من أرباح سنته كهدية أو جائزة أو نحوها، ويصرف ذلك المال في شراء الوسائل والأدوات الطبية وأجرة المكتب والحارس وغير ذلك بغرض ممارسة مهنته كطبيب، وصرف ما يحصل منها في مؤنته اللائقة بحاله، على أساس أن عمله كصانع أو عامل لا يليق بشأنه ومكانته، وليست لديه موارد اخرى كالتجارة أو نحوها، ففي هذه الحالة لا يجب عليه إخراج الخمس من تلك الوسائل والأدوات وغيرها في نهاية السنة، لأنها تعتبر مؤنة له فلا خمس فيها.
الثاني: خياط يكون في أمس الحاجة إلى توفير الوسائل والأدوات الخياطية لممارسة مهنته كخياط لإشباع حاجاته المناسبة لمقامه، على أساس أن عمله كصانع خياط لا يناسب شأنه ولا يليق بمكانته، وفي هذه الحالة إذا كان عنده مال من أرباح السنة وكان كافيا لتوفير الوسائل والأدوات الخياطية له، فإنه إذا اشترى به تلك الوسائل والأدوات ومارس مهنته بها، ويصرف ما يحصل منها في مؤنته فلا خمس فيها، وقد تسأل: أن من كان بحاجة إلى رأس مال إما للإتجار به أو لممارسة مهنته كطبيب مثلا، فإن كان ما نتج منه وحصل بقدر مؤنته السنوية اللائقة بحاله فلا خمس فيه كما مر، وإن كان أزيد منه بمعنى: أنه يقصد من وراء ذلك خلق منفعة جديدة زائدا على ما يصرف في مؤنته، فعندئذ هل يخمس رأس المال أو لا؟
والجواب: أنه يخمس بالنسبة كما يخمس الزائد من الربح. نعم، إذا لم يكن بحاجة إلى جعل ما عنده من الربح والفائدة رأس مال له، على أساس أنه يعيش بما يناسب مقامه من دون ذلك فلا يكون مستثنى من الخمس.