والجواب: الأقرب أنه لا يوجب حق الأولوية فيه، بلا فرق في ذلك بين أن يكون الفصل بين وضع الرحل فيه ومجيئه زمان طويل أو قصير، باعتبار أن لكل فرد حقا أن يصلي في أي موضع من المسجد شاء وأراد، شريطة أن لا يكون الموضع مشغولا بالصلاة من قبل غيره، ووضع الرحل فيه لا يحدث له حقا فيه، وعليه فيجوز لغيره رفع الرحل عنه والصلاة في مكانه، إذا كان شغل المحل على نحو لا يمكن الصلاة فيه إلا برفعه. وهل أنه يضمنه برفعه أو لا؟ وجهان الظاهر عدم الضمان؛ إذ لا موجب له بعد جواز رفعه للوصول إلى حقه وهو الصلاة فيه.
(مسألة 969): المشاهد المشرفة كالمساجد، فإن لكل فرد حقا أن يمارس ما هو المطلوب فيها من الزيارة والدعاء وقراءة القرآن والصلاة في أي نقطة منها شاء، وما دام هو مشغول فيها بشيء من الأعمال المذكورة لا يجوز لأي أحد أن يزاحمه ويمنعه من ذلك، وإذا فرغ وقام من مكانه سقط حقه بسقوط موضوعه، من دون فرق بين أن يكون ناويا العود إليه أو لا، وحينئذ فلا مانع من أن يمارس غيره العمل فيه، وإذا عاد الأول لم يجز له أن يزاحمه ويمنعه عن العمل.
(مسألة 970): جواز السكنى في المدارس لطالب العلم وعدمه تابعان لكيفية وقف الواقف، فإذا خصها الواقف بطائفة خاصة كالعرب أو العجم، أو بصنف خاص كطالبي العلوم الشرعية أو خصوص الفقه أو الكلام مثلا، فلا يجوز لغير هذه الطائفة أو الصنف السكنى فيها. وأما بالنسبة إلى مستحقي السكنى بها فهي كالمساجد، فمن حاز غرفة وسكنها فهو أحق بها، ولا يجوز لغيره أن يزاحمه ما لم يعرض عنها وإن طالت المدة، إلا إذا اشترط الواقف مدة خاصة كخمس سنين مثلا، فعندئذ يلزمه الخروج بعد انقضاء تلك المدة بلا مهلة.
(مسألة 971): إذا اشترط الواقف اتصاف ساكنها بصفة خاصة، كأن يكون