وتوفير الشروط للاستفادة منها من دون إذن أصحابها، فكذلك على الأول؛ لأن ملكيتها المتعلقة برقبتها لا تزول بزوال الحياة عنها؛ لأنها جهة تعليلية لا تقييدية، وأما إذا كانت سببا للحق دون الملك - كما هو الأظهر - فيجوز التصرف فيها بعد زوال الحياة عنها وخرابها؛ لأن الحق متمثل في حياتها، فما دامت حية متعلقة له، فإذا ماتت وخربت خرجت عن مورده، وبكلمة: أن المحيي إنما يملك نتيجة عمله دون نفس الأرض، وهي خلق الشروط فيها التي تتيح للفرد فرصة الاستفادة منها والانتفاع بها، وما دامت تلك الشروط فيها متوفرة والفرصة متاحة فعلاقته بها ثابتة، سواء كان يمارس الانتفاع بها أم لم يمارس، وأما إذا زالت تلك الفرصة والشروط عنها، فقد زالت علاقته بها أيضا، على أساس أنها كانت معلولة لهذه الشروط والفرصة، ولافرق في ذلك بين أن يكون موتها مستندا إلى تركه الممارسة للانتفاع بها والاستفادة منها بالاختيار، أو مستندا إلى مانع خارجي. هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى أنه على هذا القول لا فرق في جواز التصرف في تلك الأراضي وإحيائها، بين أن يكون منشأ علاقة أصحابها بها عملية الإحياء أو عملية الشراء ونحوه، على أساس أن مصدر علاقة الإنسان بالأرض مباشرة إنما هو عملية الإحياء وكذلك بسائر ثرواتها الطبيعية، وأما الأسباب الاخرى فهي أسباب ثانوية لها وفي طولها، وعلى هذا فمن كانت علاقته بالأرض على مستوى الحق بعملية الإحياء، فشراء الأرض ميتة لا يوجب إلا منح المشتري نفس العلاقة التي كانت له، فإن حقيقة البيع منح البائع نفس علاقة المشتري بالثمن، ومنح المشتري نفس علاقة البائع بالمبيع، فإن كانت على مستوى الملك كانت كذلك، وإن كانت على مستوى الحق كانت كذلك، ولا يتصور أن تكون علاقة البائع بالمبيع على مستوى الحق، ولكن البيع يوجب منح المشتري العلاقة به على
(٣٢٦)