باندراسها وخرابها، وعلى ضوء هذا القول يعامل مع تلك الأراضي معاملة المجهول مالكها، فيجب الفحص عنه، وبعد اليأس وانقطاع الأمل عن الظفر به يرجع إلى الحاكم الشرعي، وحينئذ فإما أن يشتريها منه إذا كانت المصلحة في الشراء ويصرف ثمنها على الفقراء من قبل أصحابها، أو يستأجرها بأجرة معينة، أو يقدر لها اجرة المثل وتصرف الأجرة على الفقراء، وهذا فيما إذا لم يعلم بإعراض مالكها عنها، وإلا جاز إحياؤها وتملكها بلا حاجة إلى الإذن أصلا، وقد تسأل: أن الأقرب هل هو القول الأول أو الثاني؟ والجواب: الأقرب القول الأول، وعلى هذا فلا فرق بين هذا القسم من الأراضي والقسم الأول منها في هذا الحكم. نعم، على القول الثاني، فإن أعرض المالك عنها جاز لكل أحد إحياؤها، وإن لم يعرض، فإن إبقاها مواتا للانتفاع بها على تلك الحال من حشيشها أو قصبها أو جعلها مرعى لدوابها وأنعامها أو أنه كان عازما على إحيائها، وإنما أخر ذلك لانتظار وقت صالح له أو لعدم توفر الآلات والأسباب المتوقف عليها الإحياء ونحو ذلك، ففي جميع هذه الحالات لا يجوز لأحد أن يقوم بإحيائها والتصرف فيها من دون إذن مالكها، بل مطلقا الا إذا رأى الحاكم الشرعي مفسدة في تعطيلها.
أما القسم الثالث من الأراضي الخربة: فإذا علم بأن إبقاء تلك الأراضي معطلة، إنما هو من جهة عدم الاعتناء بها، على أساس عدم حاجته إليها فعلا، لا أنه أعرض عنها، فهل يجوز إحياءها لغيره؟ والجواب: المشهور جواز إحيائها، إذا كان سبب ملك المالك الأول عملية الإحياء، وعدم الجواز إذا كان سببه عملية الشراء أو الإرث، ولكنه لا يخلو عن إشكال بل منع؛ لأن عملية الإحياء لو كانت سببا للملك لم يكن فرق بينها وبين عملية الشراء أو الإرث أو غيره، فكما أن على الثاني لا يجوز التصرف في تلك الأراضي بإحيائها