والجواب: أنه لا يبعد الثاني، على أساس أن الإجارة في الواقع تنحل بانحلال أجزاء العمل المستأجر عليه وتوزع الأجرة عليها بالنسبة، فإذا سلم الأجير بعض العمل إلى المستأجر دون الجميع ثبت له الخيار، فإذا فسخ عقد الإيجار كان مقتضاه رجوع ما كان من الأجرة بإزاء ما لم يسلم إليه من العمل دون تمامها، بنكتة أن الفسخ معناه: حل العقد من حينه لامن الأول وهو لا يتطلب أكثر من هذا، مثال ذلك: زيد آجر نفسه من عمرو في يوم الخميس من طلوع الشمس إلى غروبها بتمام منافعه فيه، فإذا أمره المستأجر فيه بخياطة ثوب واشتغل بها إلى الظهر ثم خالف وعمل بقية اليوم لنفسه، ففي مثل ذلك قد سلم الأجير نصف منفعة اليوم إلى المستأجر وأتلف عليه نصفها الآخر، وعلى هذا فإذا فسخ المستأجر العقد استحق استرجاع نصف الأجرة دون تمامها؛ باعتبار أنه تسلم ما يقابل نصفها من العمل المستأجر عليه، ولكن - مع هذا - فالأحوط أن يصالح المستأجر مع الأجير في استرجاع تمام الأجرة، أو أخذ الأجير أجرة المثل لما أتى به من العمل المستأجر عليه.
الثانية: أنه عمل بها لغيره تبرعا، وفي هذه الصورة أيضا تخير المستأجر بين الفسخ والامضاء على تفصيل قد مر الآن، وهل له مطالبة المتبرع له بقيمة العمل أو لا؟
والجواب: لا يحق له ذلك حتى إذا كان المتبرع له هو الآمر بالتبرع؛ لأن المتلف للعمل إنما هو الأجير نفسه، فلا مبرر لضمان غيره، فإن المبرر له أحد أمرين:
إما الإتلاف أو اليد المضمونة، والفرض أن المتبرع له لا يكون متلفا، ولا كون المنفعة تحت يده، وأما الأمر بالإتلاف فليس هو بنفسه من موجبات