في ذمة اللاحق، بمعنى: أن ذمته برأت من المالك واشتغلت للسابق.
ولا فرق في ذلك بين أن يكون السابق واحدا أو متعددا، غاية الأمر إذا كان متعددا فكل سابق منه ضامن لما في ذمة اللاحق، فإذا فرضنا أن الأيدي التي مرت على العين أكثر من ثلاث، فإذا رجع المالك إلى صاحب اليد الأولى، فله أن يرجع إلى صاحب الثانية، كما أن له أن يرجع إلى صاحب الأخيرة الذي استقر الضمان عليه. هذا إذا كان استقرار الضمان على الغاصب الأخير، وأما إذا كان على الأول، كما إذا كان غارا ومتلفا للمال عرفا بتقديمه للثاني مجانا بعنوان أنه ماله، فيكون الأمر بالعكس تماما، فإن الأول ضامن لبدل العين مباشرة، والثاني والثالث ضامن لبدل ما في ذمته طولا. هذا، ولكن إثبات هذا النحو من الضمان في المقام بقاعدة اليد لا يخلو عن إشكال بل منع.
الثاني: أن ضمان الغاصب الأول للعين المغصوبة، إنما هو بمعنى: أن تأديتها إلى أهلها الأعم منها ومن بدلها في عهدته ومسؤوليته شرعا، بدون أن تكون ذمته مشغولة بشيء، ولا يخرج عن عهدته ومسؤوليته بانتقالها من يده إلى يد الثاني، وكذلك لا تخرج عن عهدة الثاني بانتقالها من يده إلى يد الثالث، وحينئذ فإذا تلفت في يد الثالث اشتغلت ذمته خاصة ببدلها من المثل أو القيمة دون السابق، فإن ضمانه ليس ضمانا لنفس المال، وإنما هو ضمان لأدائه وإيصاله إلى صاحبه، غاية الأمر ما دامت العين موجودة فهو ضامن لإيصالها، وإذا تلفت عند اللاحق فهو ضامن لإيصال بدلها، وعلى هذا فإذا رجع المالك إلى الغاصب الأول فله أن يرجع إلى الثاني. لأنه بأداء قيمة الدين يملك الدين في ذمة الثاني، وإذا رجع إلى الثاني فهو لا يرجع إلى الأول، على أساس أنه ضامن لنفس البدل مباشرة، فإذا أداه فرغت ذمته بذلك ولا شيء عليه بعده. ودعوى أنه لا دليل