وهذا التقييد انما هو من مظاهر حرمة التصرف فيه، واثارها فإذا كان موضوع هذه العمومات مقيدا في الواقع بما عرفت، فكيف يمكن التمسك بها في موارد الشك في تحققه بتحقق قيده، فان القطع وإن كان غير موجود فيها، إلا أن المانع عن التمسك بها في تلك الموارد ليس هو وجوده.
بل العمومات في حد نفسها لا تشمل تلك الموارد، باعتبار انها غير ناظرة إلى تعيين افراد موضوعها في الخارج، ومصاديقه، وإلا فالمخصص إذا كان لفظيا فهو أيضا غير مانع عن التمسك بها في الموارد المزبورة، فلا فرق من هذه الناحية بين المخصص اللفظي والمخصص اللبي أصلا.
وعلى الجملة فبالتحليل العقلي لا يعقل كون القطع بنفسه في مورد الكلام مخصصا، ومنافيا للعام، حيث قد عرفت ان ملاك التخصيص، والتنافي غير متوفر فيه، وانما هو متوفر في متعلقه وعليه فلا يفرق بين كون الدليل عليه لفظيا، أو عقليا، فإنه على كلا التقديرين لا يجوز التمسك بالعام في موارد الشك بملاك واحد.
ودعوى - ان عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية في موارد التخصيص اللفظي انما هو من ناحية انه بعد تحكيم الخاص على العام، وتقديمه عليه كان العام لم يعم الخاص من الأول، ولازم ذلك أنه لا عموم له في موارد الشك حتى يتمسك به. وهذا بخلاف ما إذا كان التخصيص لبيا، فإنه لا يوجب هدم عموم العام، فإذا كان باقيا حتى في موارد الشك فلا مانع من التمسك به في تلك الموارد، وهذا هو الفارق بين التخصيص اللفظي، واللبي، كما أشرنا إليه سابقا أيضا.