المشكل والمشتبه عندنا، وليس ما نحن فيه من هذا القبيل، فإن السرقة من المبصرات، قالت إحدى البينتين بمشاهدة وقوعها غدوة، وقالت الأخرى بمشاهدة وقوعها عشية، ولا ريب في أنها قد وقعت في أحد الزمانين، فالبينتان متعارضتان، ومع تعرضهما تتساقطان، ولا يبقى ما يحكم به للغرم فضلا عن الحد.
وأما تجويز استناد الحاكم إلى كلتيهما فيما اتفقتا عليه وهو سرقة الثوب وإن اختلفتا وقته ففيه أن المفروض وحدة العين ووحدة الفعل، وقد وقع التكاذب بين البينتين، وليس الملاك وجود أمر متفق عليه بينهما، ولذا لو شهدت إحداهما بكون المسروق حمارا والأخرى بكونه فرسا لم يحكم بسرقة الحيوان المطلق استنادا إلى كليهما لكونه أمرا متفقا عليه بينهما، بل يتساقطان، لعدم امكان وجود الحيوان كذلك خارجا.
فالحاصل إنا لا نوافق لا على القرعة كما ذكر الشيخ، ولا على الحكم بالقدر المشترك كما ذكر الجواهر، بل نقول بالتعارض والتساقط وعدم الحكم بشئ.
قال المحقق: (ولو كان تعارض البينتين لا على عين واحدة ثبت الثوبان والدرهمان).
أقول: إذا تواردت البينتان لا على عين واحدة: كما لو شهدت إحداهما على الثوب الأبيض والأخرى على الثوب الأسود، أو شهدت إحداهما على درهم والأخرى على درهم آخر ثبت الثوبان والدرهمان، لعدم التعارض بين البينتين، وثبت القطع أيضا، لعدم الشبهة الدارئة.
قال في الجواهر: بل لو فرض اتحاد العين وأمكن التعدد بسرقتها مرتين في الوقتين كان الحكم كذلك أيضا. بلا اشكال ولا خلاف.
قال: لكن عن القاضي: إذا شهد اثنان أنه سرق هذا الحمار غدوة يوم